الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثالث : أن يوضع الطعام على السفرة الموضوعة على الأرض ، فهو أقرب إلى فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من رفعه على المائدة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بطعام وضعه على الأرض فهذا أقرب إلى التواضع فإن لم يكن فعلى السفرة فإنها ؛ تذكر السفر ويتذكر من السفر سفر الآخرة وحاجته إلى الزاد والتقوى وقال أنس بن مالك رحمه الله ما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خوان ولا في سكرجة . قيل : فعلى ماذا كنتم تأكلون ؟ قال : على السفرة وقيل : أربع أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم : الموائد والمناخل والأشنان والشبع .

التالي السابق


(الثالث: أن يوضع الطعام على السفرة الموضوعة على الأرض، فهو أقرب إلى فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من رفعه على المائدة) . اعلم أن السفرة في الأصل اسم لطعام يصنع للمسافر، والجمع سفر كغرفة وغرف، وسميت الجلدة التي يوعى فيها الطعام سفرة مجازا. كذا في المصباح. والمائدة من ماده ميدا أعطاه، فهي فاعلة بمعنى مفعولة لأن المالك مادها للناس أي: أعطاهم إياها، وقيل: مشتقة من ماد يميد إذا تحرك، فهي اسم فاعل على الباب. كذا في المصباح .

(كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أتي بطعام وضعه على الأرض) قال العراقي : رواه أحمد في كتاب الزهد من رواية الحسن مرسلا، ورواه البزار من حديث أبي هريرة نحوه، وفيه مجاعة وثقه أحمد وضعفه الدارقطني. اهـ .

قلت: وروى الطبراني من حديث ابن عباس كان يجلس على الأرض ويأكل على الأرض، وقد تقدم الكلام عليه في الباب الثاني من كتاب الدعوات، (فهو أقرب إلى التواضع) أي: وضع الطعام على الأرض، (فإن لم يكن فعلى السفرة؛ لأنها تذكر السفر) أي: الخروج للارتحال أو قطع المسافة (ويتذكر من السفر سفر الآخرة) بانتقال الفكر إليه (و) يتذكر مع ذلك (حاجته إلى زاد التقوى) ، فإن لكل سفر زادا يصلح له، وإن سفر زاد الآخرة التقوى والعمل الصالح .

(وقال أنس) بن مالك -رضي الله عنه-: (ما أكل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على خوان ولا في سكرجة. قيل: فعلى ماذا كنتم تأكلون ؟ قال: على السفر) الخوان بالكسر ويضم هو المائدة ما لم يكن عليها طعام، معرب، يعتاد بعض المترفهين الأكل عليه احترازا عن خفض رءوسهم، فالأكل عليه بدعة لكنها جائزة، قاله ابن حجر المكي في شرح الشمائل. وسكرجة بضم أحرفه الثلاث مع تشديد الراء، وقيل: الصواب فتح رائه لأنه معرب عن مفتوحها وهي إناء صغير يجعل فيه ما يشهى ويهضم من الموائد حول الأطعمة. والحديث قال العراقي : رواه البخاري.

قلت: وكذا رواه الترمذي في الشمائل وابن ماجه . قال ابن ماجه: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي يونس بن الفرات، عن قتادة، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: " ما أكل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على خوان ولا سكرجة. قال: فعلى ماذا كانوا يأكلون ؟ قال: على السفر". ولفظ الترمذي: فعلى ما كانوا يأكلون ؟ قيل: جعلت الواو هنا للتعظيم كما في رب ارجعون أو له -صلى الله عليه وسلم- ولأهل بيته فظاهر أو للصحابة فإنما عدل عن القياس لأنهم يتأسون بأحواله -صلى الله عليه وسلم- فكان السؤال عن أحوالهم كالسؤال عن حاله .

(وقيل: أربع أحدثت بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الموائد والمناخل والأشنان والشبع) كذا في "القوت "، ونقله أيضا ابن الحاج في المدخل، وأول الأربعة حدوث الشبع، وقد نقل ذلك عن عائشة رضي [ ص: 214 ] الله عنها، فالموائد جمع مائدة تقدم ذكرها، والمناخل جمع منخل بضم أوله وثالثه اسم لما ينخل به، وهو من النوادر التي وردت بضم الميم. والقياس الكسر لأنه آلة. كذا في المصباح. والأشنان بالضم والكسر لغة معرب، والشبع بكسر الشين المعجمة وفتح الموحدة الامتلاء من الطعام. قيل: هو اسم، وقيل: مصدر، وقد تسكن الباء لأجل التخفيف .




الخدمات العلمية