الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
دعاء آدم عليه الصلاة والسلام .

قالت عائشة رضي الله عنها لما أراد الله عز وجل أن يتوب على آدم صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت سبعا .

وهو يومئذ ليس بمبني ربوة حمراء ثم قام فصلى ركعتين ثم قال : اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي ، وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي ، وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنوبي ، اللهم إني أسألك إيمانا يباشر قلبي ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبته علي والرضا بما قسمته لي يا ذا الجلال والإكرام فأوحى الله عز وجل إليه إني قد غفرت لك ولم يأتني أحد من ذريتك فيدعوني بمثل الذي دعوتني به إلا غفرت له ، وكشفت غمومه وهمومه ، ونزعت الفقر من بين عينيه ، واتجرت له من وراء كل تاجر ، وجاءته الدنيا وهي راغمة وإن كان لا يريدها .

التالي السابق


* ( دعاء آدم عليه السلام) * صفي الدين أبي البشر

( قالت عائشة) -رضي الله عنها- فيما رواه أبو طالب المكي من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عنها، قالت ( لما أراد الله -عز وجل- أن يتوب على آدم -عليه السلام- طاف بالبيت سبعا) أي: سبعة أشواط ( وهو) أي: البيت ( يومئذ ليس بمبني بل ربوة حمراء) أي: أكمة مرتفعة ( ثم قام فصلى ركعتين) أي: بعدما فرغ من الطواف ( ثم قال: اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي) أي: ما أخفيه وما أعلنه ( فاقبل معذرتي، وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي، وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنبي، اللهم إني أسألك إيمانا يباشر قلبي) أي: يلابسه؛ فإن الإيمان إذا تعلق بظاهر القلب أحب الدنيا والآخرة جميعا، وإذا بطن الإيمان سويداء القلب وباشره أبغض الدنيا فلم ينظر إليها ( ويقينا صادقا حتى أعلم) أي: أجزم ( أنه لن يصيبني إلا ما كتبت علي) أي: قدرته علي في العلم القديم الأزلي أو في اللوح المحفوظ، وفي القوت: "إلا ما كتبت لي" .

( ورضني بما قسمت لي) من الأزل فلا أتسخطه ولا أستقله؛ فإن من رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط، زاد صاحب القوت هنا: "يا ذا الجلال والإكرام" .

( فأوحى الله -عز وجل- إليه أني قد غفرت لك ولم يأت) وفي القوت: ولن يأتيني ( أحد من ذريتك فيدعوني بمثل الذي دعوتني به إلا غفرت له ذنوبه، وكشفت غمومه وهمومه، ونزعت الفقر من بين عينيه، واتجرت له من وراء كل تاجر، وجاءته الدنيا وهي راغمة) أي: صاغرة ( وإن كان لا يريدها) .

وأخرج ابن الجوزي في مثير العزم الساكن، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لما أهبط الله -عز وجل- آدم طاف بالبيت سبعا، وصلى خلف المقام ركعتين، ثم قال: اللهم إنك" فساقه إلى آخر الدعاء، ثم قال: "فأوحى الله -عز وجل- يا آدم قد دعوتني دعاء استجبت لك فيه، ولن يدعوني به أحد من ذريتك من بعدك إلا استجبت له، وغفرت له ذنوبه، وفرجت همومه، واتجرت له من وراء كل تاجر، فأتته الدنيا وهي راغمة، وإن كان لا يريدها".

وأخرجه أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب اليقين بسنده، عن عوف بن خالد قال: وجدت في بعض الكتب "أن آدم -عليه السلام- ركع إلى جانب الركن اليماني ركعتين، ثم قال: اللهم إني أسألك إيمانا يباشر قلبي" إلى آخر الدعاء .

قال: فأوحى الله -عز وجل- "يا آدم إنه حق علي أن لا يلزم أحد من ذريتك هذا الدعاء إلا أعطيته ما يحب، ونجيته مما يكره، ونزعت أمل الدنيا والفقر من بين عينيه، وملأت جوفه حكمة".


وروى البزار بسند فيه أبو مهدي سعيد بن سنان، وهو ضعيف، من حديث ابن عمر، رفعه، أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يقول هذه الكلمات: "اللهم إني أسألك إيمانا يباشر قلبي" إلخ، وليس فيه: "ويقينا صادقا" .




الخدمات العلمية