الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
فإن قلت فما معنى اليقين وما معنى قوته وضعفه فلا بد من فهمه أولا ثم الاشتغال بطلبه وتعلمه فإن ما لا تفهم صورته لا يمكن طلبه فاعلم أن اليقين لفظ مشترك يطلقه فريقان لمعنيين مختلفين أما النظار والمتكلمون فيعبرون به عن عدم الشك إذ ميل النفس إلى التصديق بالشيء له أربع مقامات .

الأول أن يعتدل التصديق والتكذيب ويعبر عنه بالشك كما إذا سئلت عن شخص معين أن الله تعالى يعاقبه أم لا وهو مجهول الحال عندك فإن نفسك لا تميل إلى الحكم فيه بإثبات ولا نفي بل يستوي عندك إمكان الأمرين فيسمى هذا شكا .

الثاني : أن تميل نفسك إلى أحد الأمرين مع الشعور بإمكان نقيضه ولكنه إمكان لا يمنع ترجيح الأول كما إذا سئلت عن رجل تعرفه بالصلاح والتقوى أنه بعينه لو مات على هذه الحالة هل يعاقب فإن نفسك تميل إلى أنه لا يعاقب أكثر من ميلها إلى العقاب ، وذلك لظهور علامات الصلاح .

ومع هذا فأنت تجوز اختفاء أمر موجب للعقاب في باطنه وسريرته فهذا التجويز مساو لذلك الميل ولكنه غير دافع رجحانه فهذه الحالة تسمى ظنا .

الثالث : أن تميل النفس إلى التصديق بشيء بحيث يغلب عليها ولا يخطر بالبال غيره ولو خطر بالبال تأبى النفس عن قبوله ولكن ، ليس ذلك مع معرفة محققة إذ لو أحسن صاحب هذا المقام التأمل والإصغاء إلى التشكيك والتجويز اتسعت نفسه للتجويز وهذا يسمى اعتقادا مقاربا لليقين وهو اعتقاد العوام في الشرعيات كلها إذ رسخ في نفوسهم بمجرد السماع حتى إن كل فرقة تثق بصحة مذهبها وإصابة إمامها ومتبوعها ولو ذكر لأحدهم ، إمكان خطأ إمامه نفر عن قبوله .

الرابع : المعرفة الحقيقية الحاصلة بطريق البرهان الذي لا يشك فيه ولا يتصور الشك فيه فإذا امتنع وجود الشك وإمكانه يسمى يقينا عند هؤلاء ومثاله أنه إذا قيل للعاقل : هل في الوجود شيء هو قديم ، فلا يمكنه التصديق به بالبديهة لأن القديم غير محسوس لا كالشمس والقمر فإنه يصدق بوجودهما بالحس وليس العلم بوجوده شيء قديم أزلي ضروريا مثل العلم بأن الاثنين أكثر من الواحد ومثل العلم بأن حدوث حادث بلا سبب محال فإن هذا أيضا ضروري فحق غريزة العقل أن تتوقف عن التصديق بوجود القديم على الارتجال والبديهة ثم من الناس من يسمع ذلك ويصدق بالسماع تصديقا جزما ويستمر عليه ، وذلك هو الاعتقاد وهو حال جميع العوام .

ومن الناس من يصدق به بالبرهان وهو أن يقال له : إن لم يكن في الوجود قديم فالموجودات كلها حادثة فإن كانت كلها حادثة فهي حادثة بلا سبب ، أو فيها حادث بلا سبب وذلك محال فالمؤدى إلى المحال محال ، فيلزم في العقل التصديق بوجود شيء قديم بالضرورة لأن الأقسام ثلاثة وهي أن تكون الموجودات كلها قديمة أو كلها حادثة أو بعضها قديمة وبعضها حادثة ، فإن كانت كلها قديمة فقد حصل المطلوب إذ ثبت على الجملة قديم وإن كان الكل حادثا فهو محال إذ يؤدي إلى حدوث بغير سبب فيثبت القسم الثالث أو الأول .

وكل علم حصل على هذا الوجه يسمى يقينا عند هؤلاء سواء حصل بنظر مثل ما ذكرناه ، أو حصل بحس أو بغريزة العقل كالعلم باستحالة حادث بلا سبب أو بتواتر كالعلم بوجود مكة أو بتجربة كالعلم بأن السقمونيا المطبوخ مسهل أو بدليل كما ذكرنا فشرط إطلاق هذا الاسم عندهم عدم الشك فكل علم لا شك فيه يسمى يقينا عند هؤلاء وعلى هذا لا يوصف اليقين بالضعف إذ لا تفاوت في نفي الشك .

التالي السابق


(فإن قلت) أيها السائل قد ذكرت اليقين ورفعت من شأنه وذكرت أنه يقوى ويضعف. (فما معنى اليقين) لغة واصطلاحا (وما معنى قوته وضعفه فلا بد من فهمه أولا) كما ينبغي (ثم الاشتغال بطلبه وتعلمه فإن ما لا تفهم صورته) بمدرك الحس (لا يمكن طلبه) فالجواب: ما تراه وهو قوله: (فاعلم أن اليقين لفظ مشترك) ، أي وضع لمعنى كثير بوضع كثير ومعنى الكثرة هنا ما يقابل الوحدة لا ما يقابل القلة، (يطلقه فريقان لمعنيين مختلفين أما النظار) وهم أهل النظر في المعقولات (والمتكلمون) هم أهل الكلام (فيعنون به عدم الشك) فالشك نقيضه، وهذا هو مذهب أهل اللغة، قال الجوهري: اليقين العلم، وزوال الشك يقال: يقنت الأمر بالكسر يقينا واستيقنت وأيقنت وتيقنت كله بمعنى واحد، وفي القاموس: يقن كفرح، يقنا ويحرك، وأيقنه وتيقنه واستيقنه وبه علمه وتحققه، واليقين إزاحة الشك، وفي عبارات بعض اللغويين: اليقين العلم، الذي لا يشك معه، وهذا الذي ذكرناه هو المشهور عند أصحابنا من أئمة اللغة وعباراتهم، وإن اختلفت فمآلها إلى ما ذكر بقي أن الجوهري وجماعة من المتقدمين، قالوا: وربما عبروا عن الظن، باليقين وباليقين عن الظن، واستدلوا بآيات وقول الشعراء، وهذا قد نورده لك إن شاء الله تعالى عند ذكر المصنف، القسم الثاني منه قريبا المسمى بالظن ثم قال: (إذ ميل النفس إلى التصديق بالشيء له) في الحقيقة (أربع مقامات) لا يتعدى العقل إلى غيرها (الأول أن يعتدل التصديق والتكذيب) سواء (ويعبر عنه بالشك) ثم أتى له بمثال ليتضح فقال: (كما إذا سئلت عن شخص معين أن الله يعاقبه أم لا وهو مجهول الحال عندك) غير معلومه (فإن نفسك لا تميل فيه إلى الحكم بإثبات ونفي بل يستوي عندك إمكان الأمرين فهذا يسمى) عندهم (شكا) وفي اللمع لأبي [ ص: 411 ] إسحاق الشيرازي: الشك تجويز أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر، كشك الإنسان في الغيم غير المشف، أنه يكون منه المطر أم لا. اهـ .

وقيل: وهو الوقوف بين النقيضين من شك العوم فيما ينفذ فيه; لأنه يقف بذلك الشك بين جهتيه، وقيل: هو وقوف بين المعنى ونقيضه، وقيل: هو المتردد بين النقيضين، لا ترجيح لأحدهما عند الشاك .

وقال الراغب في مفرداته: هو اعتدال النقيضين عند الإنسان، وتساويهما، قد يكون لوجود أمارتين متساويتين عنده في النقيضين، أو لعدم الأمارة، والشك ربما كان في الشيء، هل هو موجود أم لا؟ وربما كان في جنسه من أي جنس هو، وربما كان في صفة من صفاته، وربما كان في الغرض الذي لأجله وجد .

ثم قال: والشك ضرب من الجهل، وهو أخص منه; لأن الجهل قد يكون عدم العلم بالنقيضين رأسا، فكل شك جهل، ولا عكس، والشك خرق الشيء وكأنه بحيث لا يجد الرأي مستقرا يثبت فيه، ويعتمد عليه، ولذلك يعدى بفي، ويجوز كونه مستعارا من الشك، وهو لصوق العضد بالجنب، وذلك أن يتلاصق النقيضان فلا مدخل للرأي والفهم; لتخلل ما بينهما، ويشهد له قولهم: التبس الأمر واختلط، وأشكل ونحو ذلك من الاستعارات .

(الثاني: أن تميل نفسك إلى أحد الأمرين) ; إما التصديق، وإما التكذيب (مع الشعور) أي العلم (بإمكان) وجود (نقيضه) أي رافعه، (ولكنه إمكان لا يمنع ترجيح) الأمر، (الأول) ومثاله: (كما إذا سئلت عن) حال (رجل) معين (تعرفه بالصلاح والتقوى) وغير ذلك من أعمال البر، (إنه بعينه لو مات على هذه الحالة) التي أنت تعرفها فيه، (هل يعاقب) أم لا؟ (فإن نفسك تميل إلى أنه لا يعاقب أكثر من ميلها إلى العقاب، وذلك لظهور علامات الصلاح) وأماراته، (ومع هذا فأنت تجوز اختفاء أمر يوجب العقاب في باطنه وسريرته) ، أي تجعل ذلك جائزا في نفسك; لأن الأمارات إنما يستدل بها على الظواهر، (وهذا التجويز مساو لذلك الميل) أي قد سيق له، (ولكنه غير دافع رجحانه) على الطرف الثاني، (فهذه الحالة تسمى ظنا) ، ومثله صاحب اللمع بقوله: كظن الإنسان في الغيم المشف، الثخين إنه سيجيء منه المطر، وإن جوزانه ينقشع من غير مطر، وكاعتقاد المجتهدين فيما يفتون به من مسائل الخلاف، وإن جوز أن يكون الأمر بخلاف ذلك، وغير ذلك مما لا يقطع به اهـ .

وقال السمين: الظن ترجح أحد الطرفين نفيا وإثباتا، وقد يعبر به عن اليقين والعلم، كما يعبر بالعلم عنه مجازا، وقال غيره: الظن الاعتقاد الراجح مع احتمال النقيض، ويستعمل في اليقين والشك، وقال الراغب: الظن ما يحصل عن أمارة، فإذا قويت أدت إلى العلم، ومتى ضعفت لم تتجاوز حد الوهم، وقال بعضهم: إنما جاز استعمال كل من الظن، والعلم في موضع الآخر; لعلاقة أن كلا منهما فيه رجحان أحد الطرفين إما جزما وهو العلم، أوردهما، وهو الظن فمن استعمال العلم بمعنى الظن، قوله تعالى: فإن علمتموهن مؤمنات ليس الوقوف على الاعتقادات يقينا، ومن استعمال العكس قوله الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم ، أي يتيقنون، إذ لا يناسب حالهم وصفهم بظن، ذلك حقيقة، ولو شكوا في ذلك لم يكونوا موقنين، فضلا عن أن يمدحوا بهذا المدح، وكذا قوله تعالى: قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله الآية، وكذا قوله تعالى: ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ، واستدل الجوهري بقول أبي سدرة الهجيمي:


تحسب هواس وأيقن أنني بها مفتد من واحد لا أغامره

يقول: تشمم الأسد ناقتي يظن أنني أفتدي بها منه وأستحمي نفسي فأتركها له، ولا أقتحم المهالك، بمقاتلته، واستدل غيره بقول دريد بن الصمة:


فقلت لهم ظنوا بالفي مدحج سراتهم في الفارسي المسرد

أي: أيقنوا بهذا العدد فإن المقام يقتضي ذلك، وأبى ذلك طائفة، وقالوا: لا يكون اليقين إلا للعلم، وأما الظن فمنهم من وافق على أنه يكون بمعنى العلم، ومنهم من قال: لا يكون الظن في موضع اليقين، وأجابوا عما احتج به من جوز ذلك بأن قالوا: هذه المواضع التي زعمتم أن الظن وقع فيها موضع اليقين كلها على بابها فإنا لم نجد ذلك إلا في علم بمغيب ولم نجدهم يقولون لمن رأى الشيء ولا لمن ذاقه: أظنه وإنما يقال لغائب قد عرف بالظن [ ص: 412 ] والعلم فإذا صار إلى المشاهدة امتنع إطلاق الظن عليه، قالوا: وبين العيان والخبر مرتبة متوسطة، باعتبارها أوقع على العلم بالغائب الظن; لفقد الحال التي تحصل المدركة بالمشاهدة، وعلى هذا خرجت سائر الأدلة التي ذكرت، وفي إبداء الجواب عن كل آية تقدمت وتقريراتها طول يخرجنا عن المقصود، ولذا وقع الاكتفاء بما ذكرت .

(الثالث: أن تميل النفس إلى التصديق بشيء بحيث يغلب عليها) أي ذلك التصديق على النفس ويغمرها (ولا يخطر بالبال غيره) أي غير ذلك المعنى الذي حصل للنفس، وفي نسخة نقيضه بدل غيره (ولو) فرض أنه (خطر بالبال) نقيضه (تأبى) أي تمتنع (النفس عن قبوله، لكن ليس ذلك مع معرفة تحقيق) وفي نسخة عن معرفة محققة (إذ لو أحسن صاحب هذا المقام التأمل و) أعار أذن فهمه إلى (الإصغاء إلى التشكيك والتجويز) وهما المقامان الأولان (اتسعت نفسه للتجويز) أي مالت إليه وانشرحت له (وهذا يسمى اعتقادا مقاربا لليقين) ; لأنه قد عقد قلبه عليه وأثبته في نفسه (وهو اعتقاد العوام) من الأمة (في الشرعيات كلها إذا رسخ في نفوسهم بمجرد السماع) من أفواه الشيوخ (حتى إن كل فرقة) من فرق المذاهب على كثرتها (يثق بصحة مذهبه) ، ويعتمد عليه، (وإصابة إمامه) الذي قلده، (و) إصابة (متبوعه، وإذا ذكر له) ، وفي نسخة لأحدهم (إمكان خطأ إمامه نفر عن قبوله) ، واستبعده إلى الغاية .

(الرابع: المعرفة الحقيقية الحاصلة بطريق البرهان) والاستدلال، (الذي لا شك فيه) في حد ذاته (ولا يتصور الشك فيه) وفي نسخة التشكيك بدل الشك (فإذا امتنع وجود الشك وإمكان يسمى يقينا عند هؤلاء) أي النظار والمتكلمين، (ومثاله إذا للعاقل: هل في الوجود شيء هو قديم، فلا يمكنه) إذا (التصديق به) أي بهذا القول (بالبديهة) والارتجال; (لأن القديم غير محسوس) بالأبصار (لا كالشمس والقمر) وغيرهما من الكواكب (فإنه يصدق بوجودهما بالحس) والمشاهدة (وليس العلم بوجود شيء قديم أوليا ضروريا) ، وفي نسخة أزليا ضروريا، أي ليس العلم به يدرك وهلة من غير برهان، (مثل العلم بأن الاثنين أكثر من الواحد) فإنه ضروري لا محالة، (بل مثل العلم بأن حدوث حادث بلا سبب محال فإن هذا أيضا ضروري) لا يحتاج إلى النظر فيه وفي نسخة: ومثل العلم بدل بل مثل العلم، (فمن غريزة العقل أن يتوقف عن) قبول (التصديق بوجود القديم على طريق الارتجال والبديهة) ويتطلع إلى النظر في البرهان (ثم من الناس من يسمع ذلك) من الأفواه والكتب (ويصدق بالسماع تصديقا جزما) قاطعا عن الشبهات (ويسمر عليه، وذلك هو الاعتقاد) كأنه عقد قلبه عليه ولم يمل إلى سواه، (وهو حال جميع العوام) من الأمة، (ومن الناس من يصدق به بالبرهان) ، والنظر فيه، (وهو أن يقال له: إن لم يكن في الوجود قديم فالموجودات كلها حادثة) لا محالة (وإن كانت كلها حادثة فهي) كلها (حادثة بلا سبب، أو فيها حادث بلا سبب وذلك) أي حدوث الكل أو البعض بلا سبب (محال فالمؤدي إلى المحال محال، فيلزم في العقل التصديق بوجود شيء قديم بالضرورة) نظرا إلى ما ذكر (لأن الأقسام ثلاثة وهو) إما (أن تكون الموجودات كلها قديمة أو) تكون (كلها حادثة أو بعضها قديمة وبعضها حادثة، فإن كانت كلها قديمة فقد حصل المطلوب إذا ثبت على الجملة قديم) لأن السؤال إنما كان عن شيء هو قديم في الوجود (وإن كان الكل حادثا) وهو الشق الثاني (فهو محال إذ يؤدي إلى حدوث بغير سبب) وما يؤدي إلى المحال محال (فثبت القسم الثالث) وهو أن بعضها قديمة، وبعضها حادثة (أو) القسم (الأول) الذي يفهم منه ثبوت القديم في الجملة (وكل علم حصل على هذا الوجه يسمى يقينا) عند هؤلاء (سواء حصل) ذلك العلم (بنظر) واستدلال (مثل [ ص: 413 ] ما ذكرناه، أو حصل بحس) كالعلم بالشمس والقمر مثلا (أو بغريزة العقل) وسجيته، (كالعلم باستحالة حادث بلا سبب أو) حصل (بتواتر) وتتابع (كالعلم بوجود مكة) مثلا (أو) حصل (بتجربة) صحيحة (كالعلم بأن المطبوخ) هو كل دواء طبخ لقصد الإسهال (مسهل) ، ولو قال السقمونيا بدل المطبوخ كان أظهر، (أو) صح (بدليل) وبرهان، (كما ذكرنا) آنفا (فشرط إطلاق الاسم عندهم عدم) وجود (الشك) فيه بأي وجه كان (فكل علم لا شك فيه يسمى يقينا عند هؤلاء) ولذا عرفوه بأنه اعتقاد الشيء بأنه كذا مع اعتقاد أنه لا يمكن إلا كذا مطابق للواقع غير ممكن للزوال فالقيد الأول جنس يشمل الظن، والثاني: يخرجه، والثالث: يخرج الجهل المركب، والرابع: يخرج اعتقاد المقلد المصيب، (وعلى ها لا يوصف اليقين بالضعف) والنقص والفتور والقلة، (إذ لا تفاوت في نفي الشك) وقسم صاحب القوت مقامات اليقين إلى ثلاثة، فقال بعد أن ذكر المقامين: والمقام الثالث من اليقين هو يقين ظن يقوى بدلائل العلم، والخبر وأقوال العلماء، ويجد هؤلاء المزيد من الله عز وجل، والنصيب منه لهم، ويضعف بفقد الأدلة، وصمت القائلين وهذا يقين الاستدلال، وعلوم هذا في المعقول، وهو يقين المتكلمين من علوم المسلمين من أهل الرأي وعلوم القياس والعقل والنظر اهـ .

وهذا السياق ظاهره دال على قبوله الضعف، والقوة على رأي المتكلمين أيضا ولكن ما حرره المصنف هو الأقوى، فتأمل .




الخدمات العلمية