الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
العاشر : الدعاء عن التنبه فليقل في تيقظاته وتقلباته مهما تنبه ما كان يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا إله إلا الله ، الواحد القهار رب ، السماوات والأرض وما بينهما ، العزيز الغفار وليجتهد أن يكون آخر ما يجري على قلبه عند النوم ذكر الله تعالى ، وأول ما يرد على قلبه عند التيقظ ذكر الله تعالى فهو ؛ علامة الحب ، ولا يلازم القلب في هاتين الحالتين إلا ما هو الغالب عليه ، فليجرب قلبه به فهو علامة الحب فإنها ؛ علامة تكشف من باطن القلب ، وإنما استحبت هذه الأذكار لتستجر القلب إلى ذكر الله تعالى فإذا استيقظ ليقوم قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا " وإليه النشور إلى آخر ما أوردناه من أدعية التيقظ .

التالي السابق


( العاشر: الدعاء عند التنبه) من منامه ( فليقل عند تيقظاته وتقلباته مهما تنبه ما كان يقوله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا إله إلا الله، الواحد القهار، ورب السموات والأرض وما بينهما، العزيز الغفار) قال العراقي: رواه ابن السني وأبو نعيم في كتابيهما عمل اليوم والليلة من حديث عائشة.

( وليجهد أن يكون آخر ما يجري على قلبه عند النوم ذكر الله تعالى، وأول ما يرد على قلبه عند التيقظ ذكر الله تعالى؛ فتلك علامة الحب، ولا يلازم القلب في هاتين الحالتين إلا ما هو الغالب عليه، فليجرب قلبه بذلك؛ فإنهما علامة تكشف عن باطن القلب، وإنما استحبت هذه الأذكار لتستحر القلب إلى ذكر الله عز وجل) .

قال صاحب القوت: ثم ليعلم العبد أن الله تعالى يكون له بعد بعثه من قبره كما كان له بعد بعثه من نومه، فلينظر إلى أي حال يبعث، فإن كان العبد ينظر مولاه تعالى مكرما، ولحرماته معظما، وإلى مرضاته مسارعا، كان الله له في آخرته لوجهه مكرما، ولشأنه معظما، وإلى محبوبه ومسرته من النعيم مسرعا .

وإن كان بحق مولاه متهاونا، وأمره مستخفا، ولشعائره مستصغرا، كان الله له مهينا، وبشأنه متهاونا، قال الله تعالى: أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون وقال تعالى: أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون .

وروينا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أحب أن يعلم منزلته عند الله تعالى فلينظر كيف منزلة الله من قلبه، فإن الله -عز وجل- ينزل العبد عنده بحيث أنزله العبد من نفسه، فإذ نام العبد على طهارة وذكر من قبل هذه المشاهدة والذكر فإن مضجعه يكون مسجدا، وأنه يكتب مصليا".

وقال صاحب العوارف: "من أحسن الأدب عند الانتباه أن يذهب بباطنه إلى الله تعالى، ويصرف فكره إلى أمر الله تعالى، قبل أن يجول الفكر في شيء سوى الله تعالى، ويشغل اللسان بالذكر. والصادق كالطفل الكلف بالشيء، إذا نام ينام على محبته ذلك الشيء، وإذا انتبه يطلب ذلك الشيء الذي كان كلفا به، وعلى حسب هذا الكلف والشغل يكون الموت والقيام إلى الحشر. فلينظر وليعتبر عند انتباهه ما همه، فإنه يكون هكذا عند القيام من القبر إن كان همه الله، وإلا فهمه غير الله، والعبد إذا انتبه من النوم فباطنه عائد إلى طهارة الفطرة، فلا يدع الباطن يتغير بغير ذكر الله تعالى؛ حتى لا يذهب عنه نور الفطرة الذي انتبه عليه، ويكون فارا بباطنه إلى ربه من الأغيار، ومهما وفى الباطن بهذا العيار فقد لقي طريق النفحات الإلهية، فجدير أن تنصب إليه أقسام الليل انصبابا، ويصير جناب القرب له موئلا ومآبا" .

( فإذا استيقظ ليقوم قال) بلسانه مطابقا لما في جنانه: ( الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا") أي: أنامنا، ولما كان النوم أخا الموت أقام أماتنا مقامه ( وإليه النشور) إشارة إلى حالة البعث ( إلى آخر ما أوردناه من أدعية التيقظ) في كتاب الدعوات، وإن قرأ العشر الأواخر من سورة آل عمران فحسن .




الخدمات العلمية