بيان اختلاف الأوراد باختلاف الأحوال .
اعلم أن ؛ فإنه إما عابد وإما عالم وإما متعلم وإما وال وإما محترف وإما موحد مستغرق بالواحد الصمد عن غيره الأول : العابد ، وهو المتجرد للعبادة الذي لا شغل له غيرها أصلا ولو ترك العبادة لجلس بطالا فترتيب أوراده ما ذكرناه نعم لا يبعد أن تختلف وظائفه بأن يستغرق أكثر أوقاته إما في الصلاة ، أو القراءة ، أو في التسبيحات فقد كان في الصحابة رضي الله عنهم من ورده في اليوم اثنا عشر ألف تسبيحة وكان فيهم من ورده ثلاثون ألفا وكان فيهم من ورده ثلاثمائة ركعة إلى ستمائة وإلى ألف ركعة وأقل ما نقل في أورادهم من الصلاة مائة ركعة في اليوم والليلة وكان بعضهم أكثر ورده القرآن ، وكان يختم الواحد منهم في اليوم مرة وروى مرتين . عن بعضهم ، وكان بعضهم يقضي اليوم أو الليل في التفكر في آية واحدة ، يرددها وكان كرز بن وبرة مقيما بمكة فكان يطوف في كل يوم سبعين أسبوعا وفي كل ليلة سبعين أسبوعا ، وكان مع ذلك يختم القرآن في اليوم والليلة مرتين ، فحسب ذلك فكان عشرة فراسخ ، ويكون مع كل أسبوع ركعتان فهو ، مائتان وثمانون ركعة ، وختمتان ، وعشرة فراسخ فإن قلت : فما الأولى أن يصرف إليه أكثر الأوقات من هذه الأوراد ؟ فاعلم أن قراءة القرآن في الصلاة قائما مع التدبر يجمع الجميع ولكن ربما تعسر المواظبة عليه فالأفضل يختلف باختلاف حال الشخص ومقصود الأوراد تزكية القلب وتطهيره وتحليته بذكر الله تعالى وإيناسه به فلينظر المريد إلى قلبه فما يراه أشد تأثيرا فيه فليواظب عليه فإذا أحس بملالة منه فلينتقل إلى غيره ولذلك نرى الأصوب لأكثر الخلق توزيع هذه الخيرات المختلفة على الأوقات كما سبق والانتقال فيها من نوع إلى نوع لأن الملال هو الغالب على الطبع وأحوال الشخص الواحد في ذلك أيضا تختلف
المريد لحرث الآخرة السالك لطريقها لا يخلو عن ستة أحوال