الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الرابع : المحترف الذي يحتاج إلى الكسب لعياله ، فليس له أن يضيع العيال ويستغرق الأوقات في العبادات بل ورده في وقت الصناعة حضور السوق والاشتغال بالكسب ولكن ينبغي أن لا ينسى ذكر الله تعالى في صناعته بل يواظب على التسبيحات الأذكار وقراءة القرآن فإن ذلك يمكن أن يجمع إلى العمل وإنما لا يتيسر مع العمل الصلاة إلا أن يكون ناظورا فإنه لا يعجز عن إقامة أوراد الصلاة معه ثم مهما فرغ من كفايته ينبغي أن يعود إلى ترتيب الأوراد وإن داوم على الكسب وتصدق بما فضل عن حاجته فهو أفضل من سائر الأوراد التي ذكرناها لأن العبادات المتعدية فائدتها أنفع من اللازمة والصدقة والكسب على هذه النية عبادة له في نفسه تقربه إلى الله تعالى ثم يحصل به فائدة للغير وتتجذب إليه بركات دعوات المسلمين ويتضاعف به الأجر

التالي السابق


(الرابع: المحترف) أي: صاحب الحرفة (الذي يحتاج إلى الكسب لعياله، فليس له أن يضيع العيال) فلا يمونهم ويشتغل عنهم، (ويستغرق الأوقات) كلها (في العبادات) بأنواعها (بل ورده في وقت الصناعة حضور السوق) للبيع والشراء (والاشتغال بالكسب) الذي حضر له فيه، (ولكن ينبغي أن لا ينسى الله عز وجل في صناعته) التي هو مشتغل بها (فيواظب على التسبيحات والأذكار وقراءة القرآن) حسبما تيسر له من كل ذلك، (فإن ذلك يمكن أن يجمع إلى العمل) الذي هو فيه لأنه من جملة أعمال اللسان، (وإنما الذي لا يتيسر مع العمل الصلاة) فإنها تستدعي فراغ حال ووقت، فالاشتغال بها يفوت مقصود الكسب في معظم الأوقات (إلا أن يكون ناطورا) أي: حافظ بستان، (فإنه لا يعجز عن إقامة أوراد الصلاة مع ذلك) العمل (ثم مهما فرغ من كفايته) لقوت نفسه وعياله (ينبغي أن يعود إلى ترتيب الأوراد) فيما بقي له من الوقت ليجمع بين الفضيلتين، (فإن داوم على الكسب) طول نهاره وحصل زيادة عن "القوت" (وتصدق بما فضل من حاجته) وحاجة عياله، (فذلك أفضل من سائر الأوراد) التي ذكرناها; (لأن العبادة المتعدية فائدتها) إلى الغير (أنفع من اللازمة) التي لا تتعدى، (والصدقة والكسب على هذه النية) كل منهما (عبادة له في نفسه تقربه إلى الله تعالى) زلفى، هذا بالنظر إلى أصل النية، (ثم تحصل بها فائدة للغير) لاسيما مع حاجته إليها (وتنجر إليه بركات دعوات المسلمين) ، فإنها مستجابة (فيضاعف له) بذلك (الأجر) التام من الله تعالى .




الخدمات العلمية