الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثاني : أنه لا ينبغي أن يمتنع عن الإجابة لبعد المسافة كما لا يمتنع لفقر الداعي وعدم جاهه ، بل كل مسافة يمكن احتمالها في العادة لا ينبغي أن يمتنع لأجل ذلك .

يقال : في التوراة أو بعض الكتب سر ميلا عد مريضا ، سر ميلين شيع جنازة ، سر ثلاثة أميال أجب دعوة ، سر أربعة أميال زر أخا في الله .

ولإنما ، قدم إجابة الدعوة والزيارة لأن فيه قضاء حق الحي فهو أولى من الميت وقال صلى الله عليه وسلم : " لو دعيت إلى كراع بالغميم لأجبت .

"
وهو موضع على أميال من المدينة أفطر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان لما بلغه وقصر عنده في سفره .

التالي السابق


(الثاني: أنه لا يمتنع عن الإجابة لبعد المسافة كما لا يمتنع) عنها (لفقر الداعي وعدم جاهه، بل كل مسافة يمكن احتمالها في العادة فلا ينبغي أن يمتنع لأجل ذلك) بل يأتيها. (يقال:) إن (في التوراة أو في بعض الكتب) السماوية: (سر ميلا عد مريضا، سر ميلين شيع جنازة، سر ثلاثة أميال أجب دعوة، سر أربعة أميال زر أخا في الله تعالى، وإنما قدم إجابة الدعوة والزيارة) وفضلهما على العيادة وشهود الجنازة؛ (لأن فيه قضاء حق الحي فهو أولى من الميت) كذا نقله صاحب "القوت " .

(وقال -صلى الله عليه وسلم-: " لو دعيت إلى كراع الغميم لأجبت ") هكذا هو في "القوت "، قال العراقي : ذكر الغميم فيه لا يعرف، والمعروف: لو دعيت إلى كراع، كما تقدم قبله بثلاثة أحاديث، ويرد هذه الزيادة ما رواه الترمذي من حديث أنس: " لو أهدي إلي كراع لقبلت ". اهـ .

(وهو) أي: كراع الغميم (موضع على أميال من المدينة) كذا في "القوت " وسيأتي الكلام عليه قريبا (أفطر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) في رمضان (لما بلغه) كذا في "القوت " قال العراقي : رواه مسلم من حديث جابر في عام الفتح، (وقصر عنده في سفرة) كذا في "القوت "، قال العراقي : لم أقف له على أصل، وللطبراني في الصغير من حديث ابن عمر : " كان يقصر الصلاة بالعقيق" يريد إذا بلغه، وهذا يرد الأول لأن بين العقيق وبين المدينة ثلاثة أميال، وقيل: أكثر، وكراع الغميم بين مكة وعسفان، والله أعلم. اهـ .

قلت: وعبارة القاموس: وكراع الغميم موضع على ثلاثة أميال من عسفان، وزاد في العباب للصغاني: والغميم واد أضيف إليه الكراع، ووقع في التكملة للصغاني المذكور على ثمانية أميال، وذكر شيخنا المرحوم أبو عبد الله محمد بن الطيب الفاسي: سقى الله جدثه صوب الغفران في حاشيته على القاموس صوابه على ثلاثة أميال من مكة، انتهى. والغميم موضع قرب المدينة بين رابغ والجحفة قاله نصر. وقد تبع المصنف صاحب "القوت " في هذا السياق على عادته في هذا الكتاب، وبنى على هذه الزيادة الأصل الثاني من آداب الإجابة وهو الإجابة إلى الموضع البعيد، وهذه لو ثبت لفظ الغميم، وقد عرفت ما فيه فليتأمل .




الخدمات العلمية