الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأربعة أشياء تقوي البدن : أكل اللحم وشم الطيب وكثرة الغسل من غير جماع ولبس الكتان .

وأربعة توهن البدن كثرة الجماع وكثرة الهم وكثرة شرب الماء على الريق وكثرة أكل الحموضة .

التالي السابق


(و) قالت الحكماء (أربع) خصال (تقوي البدن: أكل اللحم) أي: الحولي من الضأن والعجول كما تقدم، وتقوي البصر أيضا بخاصية (وشم الطيب) أي: الروائح الطيبة من أي نوع كان (وكثرة الغسل من غير جماع) أي: المداومة عليه فإنه يعيد القوة إلى البدن (ولبس الكتان) الصفيق فإنه ينعم البدن ويقويه .

(وأربع توهن البدن) أي: تضعفه؛ (كثرة الجماع) مع وجود الداعية إليه بل مهلك، وقد أشار إليه القائل:


ثلاث مهلكات للأنام وداعية الصحيح إلى السقام دوام مدامة ودوام وطء
وإدخال الطعام على الطعام

وتقدم أن الجماع ليست له مدة مقدرة، وإنما هو عند شدة الشبق وانتشار الذكر من غير سابق فكر أو نظر إلى صورة جميلة، وقد يعرض ذلك عند مطالعة كتب الباء، والأخبار المحكية في المناكحين فهو شهوة عارضة لا اعتبار لها (وكثرة الهم) لأنه يريده ولا يستطيعه، فإنه يضني البدن ويسهر العين ويورث القلق بخاصية فيه، والهم يختلف باختلاف الأشخاص، والأمر المهم فيه، فقد يكون الشيء الصعب في نفسه عند شخص سهلا يسيرا عند آخر، وقد يكون الأمر المهتم به مما يستطيعه من غير مشقة فلا يكترث له، فهو أقل من الأول، ومن جملة الهموم ثقل الدين حتى قيل: لا هم إلا هم الدين، ولا وجع إلا وجع العين، فتحمله أحد أسباب تضعف البدن، (وكثرة شرب الماء على الريق) أي: عند قيامه من النوم قبل أن يتناول شيئا من المأكول، ومفهومه أن القليل منه في بعض الأحيان لا يضر، قالوا: إذا احتاج الإنسان إلى شرب ماء وقد دعته نفسه إليه لإطفاء لهيب الكبد فليشرب من كوز ضيق الرأس وليمصه مصا نحو ثلاث مرات، فإنه لا يضره، ويضاده ما رواه ابن عدي في الكامل من حديث أبي هريرة رفعه: شرب الماء على الريق يعقد الشحم، قال: وفيه عاصم بن سليمان العبدي كان يضع، ويمكن الجمع بينهما فتأمل. (وكثرة أكل الحموضة) وهي نوع من الطعم معروف، واستثنى بعضهم منه الليمون وقالوا: كل حامض داء إلا الليمون، وسبب ذلك أن الحوامض بأنواعها تفسد الدم، وقوة البدن إنما هي من الدم .




الخدمات العلمية