الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وهذا إن " صح لا محمل له إلا الاستعداد للاستراحة ولا يمكن تعليله بدفع الشهوة فإنه ؛ استثارة للشهوة ومن ، عدم الشهوة عدم الأكثر من هذا الأنس وقال عليه الصلاة والسلام : nindex.php?page=treesubj&link=24589_33346_10800حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء وقرة عيني في الصلاة .
قال المصنف مشيرا إلى ما وقع من الاختلاف في هذا الحديث ، ( فهذا إن صح) من طريق ( لا محل له إلا الاستعداد للاستراحة) ليتقوى بها على العبادة ، ( ولا يمكن تعليله بدفع [ ص: 311 ] الشهوة؛ لأنه استثارة للشهوة ، وفي عدم الشهوة عدم الأكثر من هذا الأنس) ونزوع النفس. وفي بعض النسخ: ومن عدم الأكثر من الأنس .
( وقال صلى الله عليه وسلم: حبب إلي) بالبناء للمفعول ( من دنياكم) ولم يقل: من هذه الدنيا لأن كل واحد ناظر إليها وإن تفاوتوا فيه ، وأما هو فلم يلتفت إلا إلى ما ترتب عليه مهم ديني ( ثلاث) سيأتي الكلام على هذه اللفظة ( النساء) لأجل كثرة المسلمين ومباهاته بهم يوم القيامة ( والطيب) لأنه حظ الروحانيين وهم الملائكة ولا غرض لهم في شيء من الدنيا سواه كأنه يقول حبي لهاتين الخصلتين إنما هو لأجل غيري. وقال الطيبي: جيء بالفعل مجهولا دلالة على أن ذلك لم يكن من جبلته وطبعه ، وأنه مجبور على هذا الحب رحمة للعباد رفقا بهم ( وقرة عيني في الصلاة ") أي: جعلت قرة، كما في رواية أخرى ، وخص الصلاة لكونها محل المناجاة ومعدن المصافاة ، وقدم النساء للاهتمام بنشر الأحكام وتكثير سواد الإسلام ، وأردفه بالطيب لأنه من أعظم الدواعي لجماعهن الموجب إلى تكثير التناسل في الإسلام مع حسنه بالذات وكونه كالقوت للملائكة ، وإفراد الصلاة بما يميزها عنهما بحسب المعنى حيث قال: " وجعلت" إذ ليس فيها تقاضي شهوة نفسانية كما فيهما ، وإضافتها إلى الدنيا من حيث كونها ظرفا للوقوع ، وقرة عينه فيها بمناجاته ربه ، ومن ثم خصها دون بقية أركان الدين. قال العراقي : رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بإسناد جيد وضعفه nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي. اهـ .
قلت: أورده السيوطي في الجامع الصغير وقال حم ن ك هو عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، وقال في الجامع الكبير: حم ن وابن سعد ع ك هو وسمويه ض عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ولفظ الجميع: " nindex.php?page=hadith&LINKID=915202حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة " والكلام على هذا الحديث من جهة التخريج على وجوه:
الأول: قال nindex.php?page=showalam&ids=14467السخاوي في المقاصد: ما اشترى على الألسنة من زيادة لفظ ثلاث لم أقف عليه إلا في موضعين من الإحياء ، وفي تفسير آل عمران من الكشاف ، وما رأيتها في طرق هذا الحديث بعد مزيد التفتيش ، وبذلك صرح الزركشي فقال: إنه لم يرد فيه لفظ ثلاث قال: وزيادته محيلة للمعنى ، فإن الصلاة ليست من الدنيا. اهـ .
ووجدت بخط الكمال الدميري ما نصه: لفظة ثلاث ليست في nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ولا أدري ما حالها عند nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وهي زيادة مفسدة للمعنى ، وقد أجاب عنها جماعة فلم يتقنوا ، وقاس nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري عليها فيه آيات بينات، وقد أخطأ في القياس. اهـ. ما وجدته .
وسكت العراقي هنا ولم ينبه على هذه الزيادة رأيا للاختصار واتكالا على الاشتهار مع أنه ذكر في أماليه أن هذه اللفظة ليست في شيء من كتب الحديث وهي تفسد المعنى. وقال الحافظ ابن حجر في تخريج الكاشف: لم تقع في شيء من طرقه وهي تفسد المعنى ، إذ لم يذكر بعدها إلا nindex.php?page=treesubj&link=24589_10800_33346الطيب والنساء .
قلت: وهذا يستقيم على رواية " وجعلت " وأما على سياق المصنف فلا. وقال في تخريج nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي تبعا لأصله: قد اشتهر لفظ ثلاث. وشرحه الإمام ابن فورك في جزء مفرد ، وكذلك ذكره nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي ولم نجده في شيء من طرقه المسندة ، وقال الولي العراقي في أماليه: ليست هذه اللفظة في شيء من كتب الحديث وهي مفسدة للمعنى .
الثاني: روى nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي هذا الحديث من طريق سيار ، عن جعفر ، عن ثابت ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بلفظ: " nindex.php?page=hadith&LINKID=911657حبب إلي النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة "، وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في مستدركه بدون لفظ: " جعلت" وقال: إنه صحيح على شرط nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم. ورواه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط والصغير من طريق nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس. ورواه مؤمل بن إهاب في جزأيه قال: حدثنا سفيان عن جعفر به فساقه كسياق nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي في الكامل من طريق سلام بن أبي خبزة ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15603ثابت البناني وعلي بن زيد، كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، وهو عند nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي أيضا من طريق سلام بن المنذر عن ثابت عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بلفظ: nindex.php?page=hadith&LINKID=911657 " حبب إلي من الدنيا النساء والطيب وجعل قرة عيني في الصلاة "، ومن هذا الوجه أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12201وأبو يعلى في مسنديهما nindex.php?page=showalam&ids=12119وأبو عوانة في مستخرجه الصحيح ، nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الأوسط ، nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في سننه وآخرون .
الثالث: عزا الديلمي إلى nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي بلفظ: " nindex.php?page=hadith&LINKID=911657حبب إلي كل شيء وحبب إلي النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة ". قال nindex.php?page=showalam&ids=14467السخاوي: لم أره كذلك .
الرابع: رمز السيوطي في جامعه حم يقتضي أن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رواه في مسنده [ ص: 312 ] وصرح بذلك أيضا nindex.php?page=showalam&ids=14467السخاوي كما ذكرناه. قال المناوي: وهو باطل، فإنه لم يخرجه فيه وإنما خرجه في كتاب الزهد فعزوه إلى المسند سبق ذهن أو قلم. قال: وقد نبه عليه السيوطي بنفسه في حاشية nindex.php?page=showalam&ids=13926البيضاوي .
الخامس: أفاد ابن القيم أن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رواه في الزهد بزيادة لطيفة وهي: أصبر عن الطعام والشراب ولا أصبر عنهن. وقال كذلك الزركشي ، وقد تعقبه السيوطي بقوله: إنه مر على كتاب الزهد مرارا فلم يجد فيه لكن في زوائده لابنه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس مرفوعا: " قرة عيني في الصلاة وحبب إلي النساء والطيب، الجائع يشبع والظمآن يروى وأنا لا أشبع من حب الصلاة والنساء ". فلعله أراد هذا الطريق. اهـ .