الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الرابع عشر : أن يكون هذا الناكح قد طلقها ثلاثا فهي لا تحل له ما لم يطأها زوج غيره في نكاح صحيح .

التالي السابق


( الرابع عشر: أن يكون هذا الناكح قد طلقها من قبل ثلاثا فهي لا تحل له ما لم يطأها آخر زوج غيره) . وعبارة الوجيز: والمطلقة ثلاثا لا تحل له حتى يطأها زوج آخر في نكاح صحيح ، ولا يكفي نكاح الشبهة ، ويكفي إيلاج الحشفة ويكفي وطء الصبي والعنين ، ولا يشترط انتشار الآلة ولو زوجها الزوج من عبده الصغير واستدخلت آلته ثم باع منها لينفسخ النكاح جاز في قول جواز إجبار العبد، وحصل به رفع الغيرة ، وإن نكحت بشرط الطلاق فسد العقد في وجه ، ولم يحصل التحليل ، وهل يفسد النكاح بشرط عدم الوطء ؟ فيه خلاف ويفسد إذا تزوج بشرط أن لا يحل ، وليس الشرط السابق على العقد كالمقارن في الإفساد، اهـ .

يعني يشترط في حل المرأة على الزوج الأول إصابة الزوج الثاني في نكاح صحيح في أصح القولين لظاهر النص ، وفي القول الثاني يحصل الحل بالإصابة في النكاح الفاسد أيضا؛ لأنه حكم من أحكام الوطء فيتعلق بالوطء في النكاح الفاسد كالمهر والعدة ، والأول الأصح وهو مذهب مالك وأبي حنيفة. وحكى أبو الفرج البزاز طريقة قاطعة بهذا ، والوطء بالشبهة من غير نكاح لا يحل لظاهر قوله تعالى: حتى تنكح زوجا غيره ولم يوجد نكاح صحيح ولا فاسد ، والمعتبر في التحليل تغييب الحشفة بتمامها عند وجودها إذ بذلك تناط الأحكام المتعلقة بالوطء كلها أو تغييب مقدارها من مقطوعها .

قال في التهذيب: إن كانت بكرا فأقل الإصابة الافتضاض بآلته ، والأصح ما ذكرنا. وأصح الوجهين اشتراط انتشار الآلة ، والثاني عدم اشتراطه فلو استعان بإصبعه أو [ ص: 338 ] إصبعها يكون كافيا. قال الشيخ أبو محمد وغيره: يكتفي به لحصول صورة الوطء وأحكامه ، وأصح الوجهين أنه لا يكفي إصابة الطفل الذي لا يتأتى منه الجماع ، والثاني أنه يكفي. وحكي ذلك عن اختيار القفال ، وحكى الإمام اتفاق الأئمة على الاكتفاء بوطء الصبي ، كما أن وطء الصبية المطلقة مكتفى به ، ولا فرق في حصول الحل أن يكون الزوج الثاني عاقلا أو مجنونا، حرا أو عبدا، خصيا أو فحلا، مسلما أو ذميا إذا كانت المطلقة ذمية ، سواء كان المطلق مسلما أو ذميا والمراهق والصبي الذي يتأتى منه الوطء كالبالغ في الأصح. قال الأئمة: وأسلم الطريق في الباب وأدفعه للعار والغيرة أن يزوج من عبد مراهق أو طفل للزوج أو لغيره يستدخل حشفته ثم يملكها ببيع أو هبة لينفسخ النكاح .

ويحصل التحليل لكن هذا مبني على أصلين:

أحدهما: حصول التحليل بوطء الصبي، وقد مر ما عرفت .

والثاني: إجبار السيد العبد على النكاح، والصحيح ليس له الإجبار، وإنما قالوا : أسلم الطريق لأن وطء البالغ قد يحبلها فيطول الانتظار ، ولو نكحها الزوج الثاني بشرط التحليل فسد النكاح لأنه أشبه بنكاح المتعة ، وقد ورد: " لعن الله المحلل والمحلل له". وفسد بشرط التحليل ، وكذا إذا نكحها بشرط الطلاق في أصح الوجهين لأنه شرط يمنع دوام النكاح، فأشبه نكاح المؤقت ونكاح المؤقت باطل ، ولا يحصل الحل فيما لو وطئ فيما دون الفرج وسبق الماء إلى الفرج ولا باستدخال مائه ولا بإتيانها في غير المأتى، والله أعلم .




الخدمات العلمية