الباب الأول :
في
أما من الكتاب ، فقوله تعالى : فضل الكسب والحث عليه . وجعلنا النهار معاشا فذكره في معرض الامتنان .
وقال تعالى : وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون ، فجعلها ربك نعمة ، وطلب الشكر عليها .
وقال تعالى : ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم وقال تعالى : وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وقال تعالى: فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله وأما الأخبار ، فقد قال صلى الله عليه وسلم :
من الذنوب ذنوب لا يكفرها إلا الهم في طلب المعيشة . وقال صلى الله عليه وسلم : التاجر الصدوق يحشر يوم القيامة مع الصديقين ، والشهداء .
وقال صلى الله عليه وسلم : من طلب الدنيا حلالا وتعففا عن المسئلة وسعيا على عياله وتعطفا على جاره لقي الله ووجهه كالقمر ، ليلة البدر .
وكان صلى الله عليه وسلم جالسا مع أصحابه ذات يوم فنظروا إلى شاب ذي جلد ، وقوة ، وقد بكر يسعى فقالوا : ويح هذا لو كان شبابه وجلده في سبيل الله فقال صلى الله عليه وسلم : لا تقولوا هذا ، فإنه إن كان يسعى على نفسه ليكفها عن المسئلة ويغنيها عن الناس فهو في سبيل الله وإن كان يسعى على أبوين ضعيفين أو ذرية ضعاف ليغنيهم ويكفيهم ، فهو في سبيل الله ، وإن كان يسعى تفاخرا وتكاثرا فهو في سبيل الشيطان .
وقال صلى الله عليه وسلم : إن الله يحب العبد يتخذ المهنة ليستغني بها عن الناس ويبغض العبد ، يتعلم العلم يتخذه مهنة .
وفي الخبر : إن الله تعالى يحب المؤمن المحترف .
وقال صلى الله عليه وسلم : أحل ما أكل الرجل من كسبه ، وكل بيع مبرور .
وفي خبر آخر أحل ما أكل العبد كسب يد الصانع إذا نصح .
وقال صلى الله عليه وسلم : عليكم بالتجارة ، فإن فيها تسعة أعشار الرزق .
وروي أن عيسى عليه السلام رأى رجلا ، فقال : ما تصنع؟ قال : أتعبد، قال من : يعولك ؟ قال : أخي ، قال : أخوك أعبد منك .
وقال نبينا صلى الله عليه وسلم : إني لا أعلم شيئا يقربكم من الجنة ويبعدكم من النار إلا أمرتكم به وإني لا ، أعلم شيئا يبعدكم من الجنة ويقربكم من النار إلا نهيتكم عنه ، وإن الروح الأمين نفث : في روعي إن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عنها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب أمر بالإجمال في الطلب ولم يقل : اتركوا الطلب ثم قال في آخره : ولا يحملنكم استبطاء شيء من الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله تعالى فإن الله لا ينال ما عنده ، بمعصيته .