الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وعلى العامل نفقته ، وسكناه في البلد ، وليس عليه أجرة الحانوت .

ومهما تجرد في السفر لمال القراض فنفقته في السفر على مال القراض فإذا رجع فعليه أن يرد بقايا آلات السفر ، من المطهرة ، والسفرة وغيرها .

،

التالي السابق


(وعلى العامل نفقته، وسكناه في البلد، وليس عليه أجرة الحانوت) أي: لا ينفق العامل على نفسه من المال القراض، ولا يواسي منه بشيء في الحضر، ما عدا أجرة الحانوت، فإنها من مال القراض، وعن مالك: أن له أن ينفق منه على العادة، كالغداء، ودفع الكسرة إلى السقاء .

وأجرة الكيال والوزان والحمال في مال القراض، وكذا أجرة النقل إذا سافر بالإذن، وأجرة الحارس، والرصدي، ويلتحق به المكوس في الطرق، فإنه في معناه، ونص في المختصر: أن له النفقة بالمعروف، وقال في البويطي: لا نفقة له، وللأصحاب طريقان، أصحهما أنهما قولان، أظهرهما: أنه لا نفقة كما في الحضر; وهذا لأنه ربما لا يحصل إلا ذلك القدر، فيختل مقصود العقد. والثاني: يجب، وبه قال مالك، وإليه أشار المصنف بقوله: (ومهما تجرد في السفر لمال القراض فنفقته على مال القراض) لأنه في السفر سلم نفسه، وجردها لهذا الشغل، فأشبه الزوجة، تستحق النفقة إذا سلمت نفسها، ولا تستحق إذا لم تسلم. والثاني: القطع بالمنع، وحمل ما نقله المزني على أجرة النقل، ومنهم من قطع بالوجوب، وحمل ما فى البويطي على المؤن النادرة، كأجرة الحجام، والطبيب .

وإذا أثبتنا القولين، فهما في كل ما يحتاج إليه من الطعام، والكسوة، والإدام، تشبيها بما إذا سلمت الزوجة نفسها، أو فيما يزيد بسبب السفر، كالخف، والمزادة، وما أشبههما; لأنه لو كان في الحضر لم يستحق شيئا، فيه وجهان، أصحهما: الثاني، وبه قال مالك فيما رواه ابن الصباغ، وأبو سعيد المتولي.

وتفرع على هذا القول بالوجوب فروع، منها: لو استصحب مال نفسه مع مال القراض وزعت النفقة على قدر المالين، قال الإمام: يجوز أن ينظر إلى مقدار العمل على المالين، ويوزع على أجرة مثلهما، وفي أمالي أبي الفرج السرخسي: أنها إنما توزع إذا كان ماله قدرا يقصد به السفر له، وإن كان لا يقصد فهو كما لو لم يكن معه غير مال القراض، وهكذا نقله أبو علي في الإفصاح، وصاحب البيان .

ومنها: لو رجع العامل وبقي منه فضل زاد، وآلات أخذها للسفر، هل عليه رده إلى مال القراض؟ فيه وجهان عن الشيخ أبي محمد، وأظهرهما: نعم، وإليه أشار المصنف بقوله: (وإذا رجع فعليه أن يرد بقايا آلات السفر، من المطهرة، والسفرة، وغيرهما) .

ومنها: يشترط عليه أن لا يسرق، بل يأخذ بالمعروف، وما يأخذ يحسب من الربح، فإن لم يكن ربح فهو خسران لحق المال .

ومنها: لو أقام في طريقه فوق مدة المسافرين في بلد، لم يأخذ لتلك المدة .

ومنها: لو شرط نفقة السفر في ابتداء القراض، فهو زيادة تأكيد إذا قلنا بالوجوب، أما إذا لم نقل به فأظهر الوجهين أنه يفسد العقد، كما لو شرط نفقة الحضر. والثاني: لا يفسد; لأنه من مصالح العقد، من حيث إنه يدعوه إلى السفر، وهو مظنة الربح غالبا، وعلى هذا، فهل يشترط تقديره؟ فيه وجهان، وعن رواية المزني في الكبير: أنه لا بد من شرط النفقة للعقد مقدرة، لكن الأصحاب لم يثبتوها .




الخدمات العلمية