الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فهذا القدر من علم الفقه ، يجب تعلمه على كل مكتسب وإلا اقتحم الحرام من حيث لا يدري .

وأما معاملة القصاب والخباز والبقال فلا يستغني عنها المكتسب وغير المكتسب والخلل فيها من ثلاثة وجوه ، من إهمال شروط البيع أو إهمال شروط السلم أو الاقتصار على المعاطاة إذ العادات جارية بكتبه الخطوط على هؤلاء بحاجات كل يوم ثم المحاسبة في كل مدة ثم التقويم بحسب ما يقع عليه التراضي وذلك مما نرى القضاء بإباحته للحاجة ويحمل تسليمهم على إباحة التناول مع انتظار العوض فيحل أكله ، ولكن يجب الضمان بأكله ، وتلزم قيمته يوم الإتلاف فتجتمع في الذمة تلك القيم فإذا وقع التراضي على مقدار ما فينبغي أن يلتمس منهم الإبراء المطلق لا تبقي عليه عهدة إن تطرق إليه تفاوت في التقويم فهذا ما تجب القناعة به فإن تكليف وزن الثمن لكل حاجة من الحوائج في كل يوم ، وكل ساعة تكليف ، شطط وكذا تكليف الإيجاب والقبول وتقدير ثمن كل قدر يسير منه ، فيه عسر وإذا كثر كل نوع سهل تقويمه والله الموفق .

التالي السابق


(فهذا القدر) الذي ذكرناه هنا (من علم الفقه، يجب تعلمه) وتحصيله (على كل مكتسب) وجوبا شرعيا (وإلا اقتحم الحرام) أي: ارتكبه، ودخل فيه (من حيث لا يدري) ولا يشعر .

(وأما معاملة) نحو (القصاب) أي: الجزار (والبقال) الذي يبيع البقول الخضرة (والخباز) الذي يخبز الخبز والذي يبيعه، وغير هؤلاء المحترفين (فلا يستغنى عنها) أي: معاملتهم (المكتسب وغير المكتسب) بل الحاجة إليهم عامة (والخلل فيها من ثلاثة وجوه، من إهمال شروط البيع) على ما ذكرت (أو إهمال شروط السلم) على ما ذكرت أيضا (أو الاقتصار على المعاطاة) من غير جريان الصيغة; (إذ العادات الجارية) بين الناس (بكتبه الخطوط على حاجات كل يوم) بأسمائها (ثم المحاسبة) مع السوقة (في كل مدة) كالشهر مثلا (ثم التقويم) لتلك المشتريات (بحسب ما يقع عليه التراضي) من الجانبين، وهذا كان في زمن المؤلف رحمه الله تعالى مألوفا، في تلك الديار، وعلى المنوال الآن في الديار الرومية .

(وذلك مما يرى القضاة) والمفتون (إباحته للحاجة) أي: لحاجة الناس إليه، فإن فيه مرتفقا لمن لم يكن عنده ما يصرفه في الحال (ويحمل تسليمهم على إباحة التناول) والأخذ (مع انتظار العوض) للقدر المتناول (ويحتمل أكله، ولكن يجب الضمان) على الآكل (بأكله، وتلزم قيمته يوم الإتلاف) لما تناوله بالأكل (وتجتمع في الذمة تلك القيم) وهذا على أصول مذهب الشافعي، رضي الله عنه، على ما مر تفصيله في كتاب البيع (فإذا وقع التراضي على مقدار ما) قليلا كان أو كثيرا (فينبغي أن يلتمس منهم) أي: من أصحاب الحقوق (الإبراء المطلق) بأن يقول مثلا: أبرئ ذمتي فيما تناولته من كذا وكذا (حتى لا تبقى عهدة) قبله، ولا مطالبة في الدنيا والآخرة .

(وإن تطرق إليه تفاوت في التقويم) فإنه لا يضر مع الإبراء المطلق (فهذا) القدر (تجب القناعة به) للمتدين (فإن تكليف وزن الثمن لكل واحدة من الحاجات) التي يشتريها (في كل يوم، وكل ساعة، شطط) وحرج (وكذلك تكليف الإيجاب والقبول) في كل حاجة يبيعها، أو يشتريها (وتقدير ثمن كل يسير) أي: قليل، أو حقير (منه، فيه عسر) ومشقة (وإذا كثر كل نوع سهل تقويمه) ولم يقع فيه الخلاف، كما هو مشاهد، والله أعلم .




الخدمات العلمية