الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
الثالث : أنه إن سلم وعرف المعامل أنه زيف ، لم يخرج عن الإثم .

لأنه ليس يأخذه إلا ليروجه على غيره ، ولا يخبره ولو لم يعزم على ذلك لكان لا يرغب في أخذه أصلا فإنما ، يتخلص من إثم الضرر الذي يخص معامله فقط .

الرابع أن يأخذ : الزيف ، ليعمل بقوله صلى الله عليه وسلم : رحم الله امرأ سهل البيع سهل الشراء سهل القضاء سهل الاقتضاء فهو داخل في بركة هذا الدعاء إن عزم على طرحه في بئر .

وإن كان عازما على أن يروجه في معاملة فهذا شر روجه الشيطان عليه في معرض الخير فلا يدخل تحت من تساهل في الاقتضاء .

التالي السابق


(الثالث: أنه إن سلم) الدرهم (وعلم المعامل أنه زيف، لم يخرج عن الإثم) بسكوته; (لأنه ليس يأخذه) مع عمله (إلا ليروجه) في بيع آخر (على غيره، ولا يخبره) بذلك (ولو لم يعزم على ذلك) بهذه النية (ما كان يرغب في أخذه) أولا (أصلا، وإنما يتخلص من إثم الضرر الذي يخص معامله فقط .

الرابع: أنه إن سمح) وتجوز بأن (أخذ الزيف، ليعمل بقوله صلى الله عليه وسلم: رحم الله امرأ) هو دعاء، أو خبر (سهل البيع) أي: غير مضايق في أموره (سهل القضاء) أي: الوفاء لما عليه بسهولة (سهل الاقتضاء) أي: طلب قضاء الحق، وهذا مسوق للحث على المسامحة في المعاملة، وترك المشاحنة، والتضييق في الطلب، والتخلق بمكارم الأخلاق.

قال ابن العربي: فإن كان سيئ القضاء، حسن الطلب، فمطلبه بما عليه يحسب له في مقابلة صبره بماله على غيره، قال العراقي: رواه البخاري، من حديث جابر، اهـ .

قلت: وكذلك رواه ابن ماجه، في البيع، مطولا، ومقتصرا، ولفظهما: رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا قضى، سمحا إذا اقتضى. (فهو داخل في بركة هذا الدعاء) مستحق له، وفاضل محسن (إن عزم على طرح الزيف في بئر) أو موضع مهجور، أو أفسده بالكلية، بكسر، أو نحوه، وله فيه أجر، ومثوبة .

(وإن كان أخذه ليروجه في معاملة فهذا شر) باطن (روجه الشيطان عليه في معرض خير) ظاهر، ولا يؤجر في سماحته، وتشديده حينئذ في أخذ الجيد أفضل (فلا يدخل تحت من ساهل في الاقتضاء) أي: الطلب، وهذا من دقائق الأعمال .




الخدمات العلمية