ومن علم أن هذه الأمور قادحة في إيمانه وأن إيمانه رأس ماله في الآخرة لم يضيع رأس ماله المعد لعمر لا آخر له ، بسبب ربح ينتفع به أياما معدودة .
وعن بعض التابعين أنه قال : لو دخلت الجامع ومع وهو غاص بأهله ، وقيل لي: من خير هؤلاء؟ لقلت: من أنصحهم لهم فإذا قالوا : هذا . قلت : هو خيرهم .
ولو قيل لي : من شرهم ؟ قلت : من أغشهم لهم فإذا قيل : هذا . قلت : هو شرهم .
في البيوع والصنائع جميعا ولا ينبغي أن يتهاون الصانع بعمله على وجه لو عامله به غيره لما ارتضاه لنفسه بل ينبغي أن يحسن الصنعة ويحكمها ثم يبين عيبها إن كان فيها عيب فبذلك يتخلص . والغش حرام
وسأل رجل حداء بن سالم فقال : كيف لي أن أسلم في بيع النعال ؟ فقال اجعل : الوجهين سواء ولا تفضل اليمنى على الأخرى وجود الحشو وليكن شيئا واحدا تاما وقارب بين الخرز ولا تطبق إحدى النعلين على الأخرى .
ومن هذا الفن ما سئل عنه أحمد بن حنبل رحمه الله من الرفو بحيث لا يتبين قال : لا يجوز لمن يبيعه أن يخفيه وإنما يحل للرفا إذا علم أنه يظهره ، أو أنه لا يريده للبيع .
فإن قلت فلا : تتم المعاملة مهما وجب على الإنسان أن يذكر عيوب المبيع فأقول : ليس كذلك إذ شرط التاجر أن لا يشتري للبيع إلا الجيد الذي يرتضيه لنفسه ، لو أمسكه ثم يقنع في بيعه بربح يسير فيبارك الله له فيه ولا يحتاج إلى تلبيس وإنما تعذر هذا لأنهم لا يقنعون بالربح اليسير ، وليس يسلم الكثير إلا بتلبيس ، فمن تعود هذا لم يشتر المعيب فإن وقع في يده معيب نادرا فليذكره وليقنع بقيمته .
باع شاة فقال للمشتري : أبرأ إليك من عيب فيها أنها تقلب العلف برجلها . ابن سيرين
وباع الحسن بن صالح جارية فقال للمشتري : إنها تنخمت مرة عندنا دما فهكذا كانت سيرة أهل الدين فمن لا يقدر عليه فليترك المعاملة أو ليوطن نفسه على عذاب الآخرة .