الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الرابع : أن يصدق في سعر الوقت ولا يخفي منه شيئا ، فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلقي الركبان ونهى عن النجش .

أما تلقي الركبان فهو : أن يستقبل الرفقة ويتلقى المتاع ويكذب في سعر البلد فقد قال صلى الله عليه وسلم : لا تتلقوا الركبان ، ومن تلقاها فصاحب السلعة بالخيار بعد أن يقدم السوق وهذا الشراء منعقد ولكنه إن ظهر كذبه ثبت للبائع الخيار ، وإن كان صادقا ففي الخيار خلاف لتعارض عموم الخبر مع زوال التلبيس

التالي السابق


(الرابع: أن يصدق في سعر الوقت) أي: في السعر الذي هو رائج في وقته (ولا يخفي منه شيئا، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تلقي الركبان) . قال العراقي: متفق عليه من حديث ابن عباس، وأبي هريرة.

قلت: وروى الترمذي، وابن ماجه من حديث ابن مسعود: نهى عن تلقي البيوع. وروى ابن ماجه من حديث ابن عمر: نهى عن تلقي الجلب. وروى البيهقي من حديث علي: نهى عن الحكرة بالبلد، وعن التلقي. الحديث .

(ونهى) صلى الله عليه وسلم (عن النجش) . قال العراقي: متفق عليه من حديث ابن عمر، وأبي هريرة، اهـ .

قلت: وكذلك أخرجه ابن ماجه، والنسائي.

(أما تلقي الركبان) المنهي عنه (فهو: أن يستقبل الرفقة) الواردة من محل آخر (ويتلقى المتاع) قبل وصوله لمن يبيعه، وهذا هو بعينه معنى تلقي الجلب الوارد في الحديث الآخر (ويكذب في سعر البلد) فيشتري منهم بالرخص (فقد قال عليه السلام: لا تلقوا الركبان، ومن فعل ذلك فصاحب السلعة بالخيار بعد أن يقدم السوق) . وعبارة الرافعي: ففي الخبر: لا تلقوا الركبان للبيع. وفي بعض الروايات: فمن تلقاها فصاحب السلعة بالخيار بعد أن يقدم السوق. قال الحافظ في تخريجه: رواه مسلم من حديث أبي هريرة، لكن حكى ابن أبي حاتم في العلل، عن أبيه، أنه أومأ إلى أن هذه الزيادة مدرجة، وتحتاج إلى تحرير، اهـ .

قلت: وهناك رواية أخرى: لا تلقوا الجلب، فمن تلقاه فاشترى منه شيئا فإذا أتى به السوق فهو بالخيار. قال المناوي في شرح الجامع: كذا رواه في البيوع المنهية، عن أبي هريرة.

قلت: وكذا رواه أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، بلفظ: لا تلقوا الجلب، فمن تلقى فاشترى منه شيئا فصاحبه بالخيار إذا أتى السوق.

وعند البخاري، وأبي داود، والنسائي: لا تلقوا الركبان للبيع، ولا يبع بعضكم على بيع بعض. الحديث .

وعند البخاري، ومسلم، من حديث ابن عباس: لا تلقوا الركبان، ولا يبع حاضر لباد.

وعند أحمد، والطبراني في الكبير: لا تلقوا الأجلاب قبل أن يأتي سوقها.

(وهذا الشراء منعقد) شرعا (ولكنه إن ظهر كذبه ثبت للبائع الخيار، وإن كان صادقا ففي الخيار خلاف) قال المناوي في شرح الجامع: تلقي الركبان حرام عند الشافعي، ومالك، وجوزه الحنفية إن لم يضر بالناس، وشرط التحريم علم النهي، اهـ .

قلت: هو عند أصحابنا مكروه، وصورته: أن واحدا من أهل المصر يتلقى الميرة، يشتري منهم، ثم يبيعه بما شاء من الثمن; لما تلي من الأحاديث، هذا إذا كان يضر بأهل البلد، بأن كانوا في قحط، وإن كان لا يضرهم فلا بأس به، إلا إذا لبس السعر على الواردين .




الخدمات العلمية