الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وقال صلى الله عليه وسلم : " بين العالم والعابد مائة درجة بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة "

التالي السابق


السادس والعشرون: (وقال عليه السلام: "بين العالم والعابد مائة درجة بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة") كذا وقع في الروايات "سبعين" والتقدير: "مقدار سبعين" وفي نسخة العراقي: "سبعون" بالواو، قال العراقي: خرجه الأصبهاني في الترغيب والترهيب من حديث عبد الله بن عمرو غير أنه قال: "سبعون درجة" بسند ضعيف، وكذا رواه صاحب مسند الفردوس من حديث أبي هريرة. اهـ .

قلت: رواه أبو القاسم الأصبهاني في كتاب الترغيب والترهيب من رواية خارجة بن مصعب، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن -أظنه ابن رافع- عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكره، ولفظه: "فضل العالم على العابد سبعون درجة بين كل درجتين حضر الفرس سبعون عاما" وذلك لأن الشيطان يضع البدعة للناس فيتبصر بها العالم، فينهى عنها، والعابد مقبل على عبادة ربه لا يتوجه إليها، ولا يعرفها، وخارجة ضعيف، وقد تقدم ذلك في الحديث الرابع والعشرين .

وقال السخاوي في المقاصد: ولأبي يعلى وابن عدي من رواية عبد الله بن محرز، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعا بهذا اللفظ، قال: وقد ذكر ابن عبد البر في العلم أن ابن عون رواه عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، فينظر من خرجه. اهـ .

ولفظ العراقي ذكره ابن عبد البر في العلم، من غير أن يوصله بالإسناد، وقال: ومن حديث ابن عون، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكره، إلا أنه قال: "درجة" موضع "سنة" ثم قال: ومن دون ابن عون لا يحتج به. اهـ .

وتقدم حديث عبد الرحمن بن عوف الذي أخرجه أبو يعلى الموصلي، ولفظه: "فضل العالم على العابد سبعين درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض".

وقول العراقي: رواه صاحب مسند الفردوس يعني به الديلمي، وإسناده ضعيف، أشار إلى أنه رواه من طريق بقية، عن عبد الله بن محرز، عن الزهري ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رفعه، وسياقه كسياق حديث عبد الله بن عمرو المتقدم، وعبد الله بن محرز قاضي الرقة ضعيف جدا، وقد عنعن الحديث بقية، وهو مدلس، والظاهر أنه لم يسمعه من عبد الله، وإنما سمعه من غياث بن إبراهيم أحد الوضاعين، فقد روى عنه بقية، وقد روى أبو نعيم هذا الحديث مقتصرا على أوله من رواية غياث بن إبراهيم، عن عبد الله بن محرز.

وأخرج أبو نعيم في الحلية من رواية سليمان الشاذكوني [ ص: 85 ] حدثنا ابن يمان، عن محمد بن عجلان، عن الزهري قال: "فضل العالم على المجتهد مائة درجة ما بين كل درجة خمسمائة سنة حضر الفرس الجواد المضمر" وبهذا وبما تقدم يسقط قول ملا علي في شرح عين العلم: وأما ما في الإحياء مائة درجة لا أصل له، والحضر بالضم وسكون الضاد: نوع من أنواع سير الفرس، وهو فوق الهملجة، والمضمر هو الجواد المهيأ للحضر والركض .




الخدمات العلمية