الباب الثاني .
في العلم المحمود والمذموم وأقسامهما وأحكامهما .
وفيه بيان ما هو فرض عين وما هو فرض كفاية ، وبيان أن موقع الكلام والفقه من علم الدين إلى أي حد هو ، وتفضيل علم الآخرة .
بيان العلم الذي هو فرض عين .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " وقال أيضا صلى الله عليه وسلم : " اطلبوا العلم ولو بالصين " ولا نطيل بنقل التفصيل ، ولكن حاصله أن كل فريق نزل الوجوب على العلم الذي هو بصدده فقال المتكلمون : هو علم الكلام ؛ إذ به يدرك التوحيد ، ويعلم به ذات الله سبحانه وصفاته وقال الفقهاء : هو علم الفقه ؛ إذ به تعرف العبادات والحلال والحرام ، وما يحرم من المعاملات وما يحل ، وعنوا به ما يحتاج إليه الآحاد دون الوقائع النادرة وقال المفسرون والمحدثون : هو علم الكتاب والسنة ؛ إذ بهما يتوصل إلى العلوم كلها . واختلف الناس في العلم الذي هو فرض على كل مسلم فتفرقوا ، فيه أكثر من عشرين فرقة
وقال المتصوفة : المراد به هذا العلم فقال بعضهم : هو علم العبد بحاله ومقامه من الله عز وجل .
وقال بعضهم : هو العلم بالإخلاص وآفات ، النفوس وتمييز لمة الملك من لمة الشيطان .
وقال بعضهم : هو علم الباطن وذلك يجب على أقوام مخصوصين هم أهل ذلك وصرفوا اللفظ عن عمومه .