الوجه الثاني: أن يقال: التفاسير الثابتة المتواترة عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان تبين أنهم إنما كانوا يفهمون منها الإثبات، بل والنقول المتواترة المستفيضة عن الصحابة والتابعين في غير التفسير موافقة للإثبات، ولم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين حرف واحد يوافق قول النفاة، ومن تدبر الكتب المصنفة في آثار الصحابة والتابعين، بل المصنفة في السنة من: "كتاب السنة والرد على الجهمية" للأثرم،، ولعبد الله بن أحمد، وعثمان بن سعيد الدارمي، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وأبي داود السجستاني، وعبد الله بن محمد الجعفي، والحكم بن معبد الخزاعي، وحشيش بن أصرم النسائي، وحرب بن قاسم الكرماني، وأبي بكر الخلال، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبي القاسم الطبراني، وأبي الشيخ الأصبهاني، وأبي أحمد العسال، وأبي [ ص: 109 ] نعيم الأصبهاني، وأبي الحسن الدارقطني، وأبي حفص بن شاهين، ومحمد بن إسحاق بن منده، وأبي عبد الله بن بطة، وأبي عمر الطلمنكي، وأبي ذر الهروي، وأبي محمد الخلال، والبيهقي، وأبي عثمان الصابوني، وأبي نصر السجزي، وأبي عمر بن عبد البر، وأبي القاسم اللكائي، وأبي إسماعيل الأنصاري، وأبي القاسم التيمي، وأضعاف هؤلاء رأى في ذلك من الآثار الثابتة المتواترة عن الصحابة والتابعين، ما يعلم منه بالاضطرار أن الصحابة والتابعين كانوا يقولون بما يوافق مقتضى هذه النصوص ومدلولها، وأنهم كانوا على القائلين بأن قول أهل الإثبات المثبتين لعلو الله نفسه على خلقه، المثبتين لرؤيته، القرآن كلامه ليس بمخلوق بائن عنه.
وهذا يصير دليلا من وجهين: أحدهما من جهة إجماع السلف، فإنهم يمتنع أن يجمعوا في الفروع على الخطإ، فكيف في الأصول.
الثاني: من جهة أنهم كانوا يقولون بما يوافق مدلول النصوص ومفهومها، لا يفهمون منها ما يناقض ذلك.
ولهذا كان الذين أدركوا التابعين من أعظم الناس قولا بالإثبات وإنكارا لقول النفاة، كما قال من قال: إن الله على العرش استوى، خلاف ما يقر في نفوس العامة فهو جهمي. يزيد بن هارون الواسطي
وقال كنا - والتابعون متوافرون - نقر بأن الأوزاعي ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته. الله فوق عرشه