فإذا قال القائل: إذا طبقنا بين هذه وهذه، فإن تساويا لزم أن يكون الزائد كالناقص، أو أن يكون وجود الزيادة كعدمها، وإن تفاضلا لزم وجود التفاضل فيما لا يتناهى.
كان لهم عنه جوابان:
أحدهما: أنا لا نسلم إمكان التطبيق مع التفاضل، وإنما يمكن التطبيق بين المتماثلين لا بين المتفاضلين.
والجواب الثاني: أن هذا يستلزم التفاضل بين الجانب المتناهي، لا بين الجانب الذي لا يتناهى، وهذا لا محذور فيه.
ولبعض الناس جواب ثالث، وهو أن التطبيق إنما يمكن في الموجود لا في المعدوم.
وقد وافق هؤلاء على إمكان وجود ما لا يتناهى في الماضي والمستقبل طوائف كثيرة ممن يقول بحدوث الأفلاك من المعتزلة والأشعرية والفلاسفة وأهل الحديث وغيرهم، فإن هؤلاء جوزوا حوادث لا أول لها، مع قولهم بأن الله أحدث السماوات [ ص: 305 ] والأرض بعد أن لم يكونا، وألزموهم بالأبد، ونشأ عن هذا البحث كلامهم في الحوادث المستقبلة، فطرد إماما هذا الطريق إمام الجهم بن صفوان، الجهمية الجبرية، وأبو الهذيل العلاف، إمام المعتزلة القدرية، فنفيا ثبوت ما لا يتناهى في المستقبل، بفناء الجنة والنار، الجهم فقال وأبو الهذيل اقتصر على القول بفناء حركات أهل الجنة والنار.
وعن ذلك قال أبو المعالي بمسألة الاسترسال: وهو أن علم الرب تعالى يتناول الأجسام بأعيانها، ويتناول أنواع الأعراض بأعيانها، وأما آحاد الأعراض فيسترسل العلم عليها، لامتناع ما لا يتناهى علما وعينا.
وأنكر الناس ذلك عليه، وقالوا فيه أقوالا غليظة، حتى يقال: إن أبا القاسم القشيري هجره لأجل ذلك.