وإذا قال القائل: نحن نطبق بينهما من الطرف الذي يلينا، فإن استويا لزم أن يكون الزائد مثل الناقص، وأن يكون وجود الزيادة كعدمها، والشيء مع عدم غيره كهو مع وجوده، وإن تفاضلا لزم أن يكون ما لا يتناهى بعضه متفاضلا.
قيل: التطبيق بينهما من الجهة المتناهية مع تفاضلهما فيها ممتنع، وفرض الممتنع قد يلزمه حكم ممتنع، فإن الحوادث الماضية من أمس إذا قدرت منطبقة على الحوادث الماضية في اليوم كان هذا التطبيق ممتنعا، فإنه يمتنع أن يطابق هذا هذا، فإن الجملتين متفاضلتان: ومع التفاضل يمتنع التطبيق المستلزم للمعادلة والاستواء.
وإذا قال القائل: أنا أقدر المطابقة في الذهن وإن كانت ممتنعة في الخارج.
قيل له: فقد قدرت في الذهن شيئين مع جعلك أحدهما أزيد من الآخر من الطرف الواحد، ومساويا له من الطرف الآخر.
ومعلوم أنك إذا قدرت هذا لم يكن تفاضلهما ممتنعا، بل كان الواجب هو التفاضل.
ودليلك مبني على تقدير التطبيق، فيلزم التفاضل فيما لا يتناهى، وكل من المقدمتين باطل، فإن قدرت تطبيقها صحيحا عدليا فهو باطل، وإن قدرته وإن كان ممتنعا لم يكن التفاضل [ ص: 391 ] في ذاك ممتنعا، فدعواك أن التفاضل ممتنع فيما قدرته متفاضلا ممنوع، بل مع تقدير التفاضل يجب التفاضل، لكن يجب التفاضل من جهة التفاضل، ولا يلزم التفاضل من الجهة الأخرى.
(وإن سلمنا أنه لا يجوز أن تكون متحركة في الأزل، ولكن لم لا يجوز أن تكون ساكنة؟ الأبهري: قال
قوله: بأن المؤثر في السكون إما أن يكون حادثا أو أزليا.
قلنا: فلم قلتم بأنه لو كان أزليا للزم دوام السكون؟ ولم لا يجوز أن يكون تأثيره فيه موقوفا على شرط عدمي أزلي؟ والعدمي الأزلي جائز الزوال، فإذا زال الشرط زال السكون) .