وإخوانه بشر الجهمية: أن المخلوقات كلها كائنة بدون فعل ولا خلق وكلام الله من جملتها، فألزمه عبد العزيز على أصله، فقال له: إذا قلت: كان الله ولما يفعل ولما يخلق شيئا، وهو لم يزل قادرا، ثم خلق المخلوقات، فأنت تقول: لم يزل قادرا ولا تقول: لم يزل يفعل المخلوقات، فلا بد له من أن يكون هناك فعل حصل بالقدرة، وليس هو القدرة التي لم تزل ولا هو المخلوق المنفصل، إذ لو كان كذلك لكان المخلوق قد وجد من غير خلق، والمفعول قد وجد من غير فعل، وهذا أعظم امتناعا في العقل من كونه وجد بغير قدرة، فإنه [ ص: 269 ] إذا عرض على العقل مفعول مخلوق حدث بعد أن لم يكن بلا فعل ولا خلق كان إنكار العقل لذلك أعظم من إنكاره لحدوثه من غير قدرة للفاعل، وإنكاره لحدوثه من غير فاعل أعظم امتناعا في العقل من هذا وهذا، فإذا قيل: فعله الفاعل بلا قدرة، أنكره العقل، وإذا قيل: فعله بالقدرة التي لم تزل بدون فعل، كان إنكاره أعظم، وإذا قيل: حدث بلا فاعل، كان أعظم وأعظم، فإن الفاعل بلا فعل كالعالم بلا علم، والحي بلا حياة، والقادر بلا قدرة ونحو ذلك وذلك نفي لجزء مدلول اللفظ الذي دل عليه بالتضمن، وأما نفي القدرة عن الفاعل فهو نفي لما دل عليه باللزوم العقلي. ومذهب