في "رده على أحمد الجهمية": باب ما أنكرت الجهمية من أن يكون الله كلم موسى: - "فقلنا: لم أنكرتم ذلك؟ قالوا: إن الله [ ص: 292 ] لم يتكلم، ولا يتكلم، وإنما كون شيئا فعبر عن الله، وخلق صوتا فأسمع، وزعموا أن الكلام لا يكون إلا من جوف ولسان وشفتين. قال
فقلنا: هل يجوز لمكون أو غير الله أن يقول: يا موسى إني أنا ربك [ سورة طه: 12] أو يقول: إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري [ سورة طه: 14] ؟ فمن قال ذلك زعم أن غير الله ادعى الربوبية، ولو كان كما زعم الجهمي: أن الله كون شيئا كان يقول ذلك المكون: يا موسى إني أنا الله رب العالمين [ سورة القصص: 30] وقد قال جل ثناؤه وكلم الله موسى تكليما [ سورة النساء: 164]، وقال تعالى: ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه [ سورة الأعراف: 143]، وقال تعالى: إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي [ سورة الأعراف: 144] هذا منصوص القرآن.
فأما ما فكيف يصنعون بحديث قالوا: "إن الله لا يتكلم" عن الأعمش خثيمة عن قال: " عدي بن حاتم الطائي قال رسول الله [ ص: 293 ] صلى الله عليه وسلم ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه ترجمان".