[ ص: 133 ] الوجه الخامس: أن نبين أن الأدلة العقلية الصحيحة البينة التي لا ريب فيها، بل العلوم الفطرية الضرورية، توافق ما أخبرت به الرسل لا تخالفه، وأن
nindex.php?page=treesubj&link=28446_29616الأدلة العقلية الصحيحة جميعها موافقة للسمع، لا تخالف شيئا من السمع، وهذا ـ ولله الحمد ـ قد اعتبرته فيما ذكره عامة الطوائف، فوجدت كل طائفة من طوائف النظار أهل العقليات، لا يذكر أحد منهم في مسألة ما دليلا صحيحا يخالف ما أخبرت به الرسل، بل يوافقه، حتى
nindex.php?page=treesubj&link=28627_28839الفلاسفة القائلين بقدم العالم كأرسطو وأتباعه: ما يذكرونه من دليل صحيح عقلي، فإنه لا يخالف ما أخبرت به الرسل، بل يوافقه، وكذلك سائر طوائف النظار من أهل النفي والإثبات، لا يذكرون دليلا عقليا في مسألة إلا والصحيح منه موافق لا مخالف.
وهذا يعلم به أن المعقول الصريح ليس مخالفا لأخبار الأنبياء على وجه التفصيل، كما نذكره إن شاء الله في موضعه، ونبين أن من خالف الأنبياء فليس لهم عقل ولا سمع، كما أخبر الله عنهم بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=8كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=9قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=10وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=11فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير [الملك: 8-11] .
[ ص: 133 ] الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنْ نُبَيِّنَ أَنَّ الْأَدِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ الصَّحِيحَةَ الْبَيِّنَةَ الَّتِي لَا رَيْبَ فِيهَا، بَلِ الْعُلُومُ الْفِطْرِيَّةُ الضَّرُورِيَّةُ، تُوَافِقُ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلَ لَا تُخَالِفُهُ، وَأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28446_29616الْأَدِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ الصَّحِيحَةَ جَمِيعَهَا مُوَافَقَةٌ لِلسَّمْعِ، لَا تُخَالِفُ شَيْئًا مِنَ السَّمْعِ، وَهَذَا ـ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ـ قَدِ اعْتَبَرَتْهُ فِيمَا ذَكَرَهُ عَامَّةُ الطَّوَائِفِ، فَوَجَدَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْ طَوَائِفِ النُّظَّارِ أَهْلِ الْعَقْلِيَّاتِ، لَا يَذْكُرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي مَسْأَلَةٍ مَا دَلِيلًا صَحِيحًا يُخَالِفُ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ، بَلْ يُوَافِقُهُ، حَتَّى
nindex.php?page=treesubj&link=28627_28839الْفَلَاسِفَةِ الْقَائِلِينَ بِقَدَمِ الْعَالِمِ كَأَرِسْطُو وَأَتْبَاعِهِ: مَا يَذْكُرُونَهُ مِنْ دَلِيلٍ صَحِيحٍ عَقْلِيٍّ، فَإِنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ، بَلْ يُوَافِقُهُ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ طَوَائِفِ النُّظَّارِ مِنْ أَهْلِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، لَا يَذْكُرُونَ دَلِيلًا عَقْلِيًّا فِي مَسْأَلَةٍ إِلَّا وَالصَّحِيحُ مِنْهُ مُوَافِقٌ لَا مُخَالِفٌ.
وَهَذَا يُعْلَمُ بِهِ أَنَّ الْمَعْقُولَ الصَّرِيحَ لَيْسَ مُخَالِفًا لِأَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ، كَمَا نُذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي مَوْضِعِهِ، وَنُبَيِّنُ أَنَّ مَنْ خَالَفَ الْأَنْبِيَاءَ فَلَيْسَ لَهُمْ عَقْلٌ وَلَا سَمْعٌ، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=8كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=9قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=10وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=11فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ [الْمُلْكِ: 8-11] .