وأما ما يتقدس الرب تعالى ويتنزه عنه من النقائص والآفات فهي ليست من [لوازم ما يختص به، ولا من لوازم القدر المشترك الكلي المطلق أصلا، بل هي من خصائص المخلوقات الناقصة، وهذه معان شريفة بسطت في غير هذا الموضع. والله تعالى منزه عن كل نقص وعيب،
وما يذكره هؤلاء من تعظيم علوم الأسرار، والأمر بكتمانها عن الجمهور، وقصور الجمهور عن إدراك حقائقها، هو كلام مجمل يقوله الصديق والزنديق.
والمخالفون من أو نفي الأوامر الشرعية، من المتفلسفة ومن دخل معهم من متصوفة النفاة ونحوهم، يشيرون إلى ذلك، ويحملون ما يروى من الآثار الصحيحة والسقيمة على ذلك، فالأثر المروي: إن من العلم كهيئة المكنون لا يعرفه إلا أهل العلم بالله، فإذا ذكروه لم ينكروه إلا أهل الغرة بالله تعالى. نفاة الصفات الخبرية،
وهذا الحديث، وإن لم يكن له إسناد صحيح، فقد ذكره شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي وغيرهما. [ ص: 86 ] وأبو حامد الغزالي
لكن ذكر شيخ الإسلام عن شيخه أن من هذا أحاديث الصفات الموافقة لقول أهل الإثبات. يحيى بن عمار
قد يحمل هذا - إذا تفلسف - على ما يوافق أقوال الفلاسفة النفاة. وأبو حامد
وكذلك ما في عن البخاري حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟ وقد حمله علي: على أقوال ابن رشد الحفيد الفلاسفة الباطنية النفاة.
ومن المعلوم أن أقوال النفاة لا توجد في كلام الله ورسوله، وإنما الموجود في كلام الله ورسوله أقوال أهل الإثبات، فإذا حدث المحدث بها من لا يحملها عقله أفضى إلى تكذيب الله ورسوله.