وبذلك يتبين الكلام في القسم الثاني - وهو أن ما به الاختلاف لازم لما به الاشتراك - أنه قسم ممتنع، فإنه ليس في الخارج إلا ما به الاختلاف، الذي هو ضد الاشتراك، إذ ليس في الخارج مشترك، بل كل شيء فهو نفسه، ليس مشاركا لغيره في شيء فيكون مخالفا له إذا جعل الاختلاف قسم الاشتراك، وأما الاختلاف الذي هو قسم التشابه، فهذا قد يكون في الخارج وقد لا يكون. فالبياضان المتماثلان هما غير مختلفين بهذا الاصطلاح، وهما مختلفان بالاصطلاح [ ص: 101 ] الأول الذي هو بمعنى الامتياز، فإذا كان كل من البياضين ممتازا عن الآخر ببياضه الذي يخصه، فهو ممتاز عنه أيضا بلونيته [وعرضيته] التي تخصه، وكذلك الإنسانان فما امتاز به كل منهما عن الآخر لازم للمشترك الموجود معه، فإن وجود المشترك المعين بدون المعين ممتنع، وأما المشترك الكلي الذي في الذهن فذاك ليس بلازم ولا ملزوم، إذ يمكن تقدير حيوان ولون مجردا في الذهن، ليس له لازم ولا ملزوم، وأما الحيوان الموجود في الخارج فهو حيوان معين يلزمه معين: إما إنسان معين وإما فرس معين وإما نحو ذلك، وهذا المعين حاصل مع هذا المعين [أبدا]، ولكن ليس لازما لحيوان آخر، فإذا عدم هذا الإنسان المعين عدم هذا الحيوان المعين، فإذا وجد حيوان آخر لم يكن هو المستلزم لهذا المعين، فالحاصل أن كل موجود في الخارج بعينه، فجميع صفاته اللازمة متلازمة، يلزم من وجود إنسانيته وجود حيوانيته، ويلزم من وجود حيوانيته وجود إنسانيته.