وإن عنيت بالسبب الشرط، فالشرط لا يجب تقدمه على مشروط، بل يجوز مقارنته للمشروط، فالأمور المتلازمة كالمتضايقات كل منها لا يوجد إلا مع الآخر، فوجوده مشروط به من غير تقدم أحدهما على الآخر.
وكذلك أنتم تقولون: إن المادة مع الصورة، كل منهما شرط في [ ص: 152 ] الآخر من غير تقدمه عليه. والمسلمون يقولون: إن لا يجوز تقدمها على الأخرى بالوجود. العلم والقدرة مشروط بالحياة، وكلاهما صفة لازمة لله تعالى،
وإذا كان كذلك، وقدر أن للواجب حقيقة مغايرة للوجوب، فلم لا يجوز أن يكون وجوده الواجب مشروطا بتلك الحقيقة، التي هي أيضا مشروطة به، من غير أن يكون الوجود الواجب مسبوقا بوجود غيره، كما يقولون في وجود الممكن: إذا قلتم إنه زائد على ماهيته: إن ماهيته لا تنفك عن وجوده، كما لا ينفك وجوده عن ماهيته.
وهذا جواب لا حيلة لهم فيه، وهو جواب عن تلازم الذات مع الصفات، إذا قدر أحدهما مغايرا للآخر.