والقرامطة الباطنية كالجهمية الذين ينفون أن يسمى الله بشيء من الأسماء التي يسمى بها مخلوق، لبسوا على الناس بلفظ "التشبيه" و"التركيب". ولهذا أنكر جماهير الطوائف عليهم من المعتزلة والنجارية، والضرارية، ومتكلمة الصفاتية، وغيرهم بل أنكر عليهم من أنكر من الفلاسفة، مع تناقض كثير من الناس معهم.
ولهذا أبو العباس الناشئ أن الأسماء التي يسمى بها الله، ويسمى بعض عباده بها، هي حقيقة في الله، مجاز في عباده، نقيض قول زعم القرامطة الباطنية والجهمية. [ ص: 185 ]
ولهذا الجهمية زنادقة، ولم يكن إذ ذاك ظهرت ملاحدة كان السلف يجعلون الشيعة، بل في عصر الجهمية، في خلافة المأمون والمعتصم ونحوهما، شرعت طوائف الملاحدة الباطنية تظهر مع ظهور محنة الجهمية، كما ظهرت الخرمية أصحاب بابك الخرمي، وهذا أحد ألقاب الباطنية.
ويقال إنه سنة عشرين، وهي السنة التي ضرب فيها ظهرت أوائل أحمد، القرامطة الذين ظهروا بالعراق، ثم صارت لهم شوكة بهجر مع الجنابي وأتباعه، ثم ظهرت دعوتهم الكبرى بأرض المغرب ثم مصر، إلى أن فتحها أهل السنة بعد ذلك، وبقاياهم في الأرض متفرقون.
وهؤلاء لهم أنواع من الإلحاد في غير الأسماء والصفات، وإنما [ ص: 186 ] المقصود هنا بيان الجهمية: نفاة الأسماء والصفات، فهؤلاء الذين ينفون حقائق أسماء الله الحسنى، ويقولون: إنما يسمى بها مجازا، أو المقصود بها غيره، أو لا يعرف معناها - أصل تلبيسهم هو ما في إطلاق هذه الأسماء مما يظنونه من التشبيه الذي يجب نفيه، ولهذا عظم كلام المسلمين في هذا الباب، وقد بسط في غير هذا الموضع. إلحاد