والمقصود هنا أن القول بأن أول الواجبات هو سلوك النظر في [ ص: 292 ] هذه الطريقة - هو في الأصل قول الجهمية والمعتزلة، وإن وافقهم عليه طائفة غيرهم.
وهذه طريقة المعتزلة: كأبي علي، وأبي هاشم، وأبي الحسين البصري، وأمثالهم.
وهم متنازعون في أن أول الواجبات النظر المفضي إلى العلم بحدوث العالم، أو القصد إلى النظر، أو الشك السابق على القصد، على ثلاثة أقوال لهم معروفة.
وقد اعترف الجمهور الذين خالفوا هؤلاء بأن إثبات الصانع لا يتوقف على هذه الطريق، بل ولا حدوث العالم.
وقد ذكر الرازي أن الطرق التي بها يثبت العلم بالصانع خمس طرق: الأول: الاستدلال بحدوث الذوات، كالاستدلال بحدوث الأجسام، المبني على حدوث الأعراض، كالحركة والسكون وامتناع ما لا نهاية له.
وهذا طريق أكثر المعتزلة، ومن وافقهم من الأشعرية كأبي المعالي وأمثاله.
الثاني: الاستدلال بإمكان الأجسام، وهذه عمدة الفلاسفة، وهو مبني على أن الأجسام ممكنة لكونها مركبة. [ ص: 293 ]
قلت: وهذا مبني على توحيد ومن وافقه من ابن سينا الفلاسفة، المتضمن نفي الصفات.