كما أنشد وأكثر الفضلاء العارفين بالكلام والفلسفة، بل وبالتصوف، الذين لم يحققوا ما جاء به الرسول تجدهم فيه حيارى، في أول كتابه لما قال: قد أشار إلي من إشارته غنم، وطاعته حتم، أن أجمع له من مشكلات الأصول، ما أشكل على ذوي العقول، ولعله استسمن ذا ورم، ونفخ في غير ضرم، لعمري: الشهرستاني
لقد طفت في تلك المعاهد كلها وسيرت طرفي بين تلك المعالم فلم أر إلا واضعا كف حائر
على ذقن أو قارعا سن نادم
نهاية إقدام العقول عقال وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
وكان ابن أبي الحديد البغدادي من فضلاء الشيعة المعتزلة المتفلسفة، وله أشعار في هذا الباب، كقوله:
فيك يا أغلوطة الفكر حار أمري وانقضى عمري
سافرت فيك العقول فما ربحت إلا أذى السفر
فلحى الله الألى زعموا أنك المعروف بالنظر
كذبوا إن الذي ذكروا خارج عن قوة البشر
وحقك لو أدخلتني النار قلت للذين بها: قد كنت ممن يحبه
وأفنيت عمري في علوم كثيرة وما بغيتي إلا رضاه وقربه
أما قلتم: من كان فينا مجاهدا سيكرم مثواه ويعذب شربه
أما رد شك ابن الخطيب وزيغه وتمويهه في الدين إذ جل خطبه
وآية حب الصب أن يعذب الأسى إذا كان من يهوى عليه يصبه