الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
الوجه الرابع والثلاثون: أن يقال: المختلفان في الحقيقة هما اللذان لا يتماثلان؛ فالمماثلة ضد المخالفة، والاختلاف ضد التماثل، وعدم التماثل لابد أن يستلزم صفات حقيقية ثبوتية اختلفا بها، وإلا فالعدم المحض لا يوجب امتياز أحدهما عن الآخر. فإذن التباين بمعنى الاختلاف في الحقيقة يقتضي أمورا ثبوتية خالف بهما أحدهما الآخر مخالفة تنفي تماثله، وإذا كان المراد بالمباينة ذلك لم يجز العلم بها إلا بعد العلم بأن الشيئين ليسا متماثلين؛ وذلك لا يكون إلا بعد العلم بأمور ثبوتية تنفي مماثلتهما كما يعلم الطعم واللون والريح، فيعلم أنها ليست متماثلة. والعلم بأن الخالق مباين للمخلوق وأنه ممتاز عنه وأنه منفرد عنه يحصل قبل العلم بأن الله لا مثيل له وأن حقيقته مخالفة لحقيقة العالم، كما أنه قد [ ص: 670 ] يحصل العلم بأنه ليس مماثلا للخلق بل مخالف له قبل العلم بأنه مباين للعالم ممتاز عنه منفرد عنه، فإن باب الكيف غير باب الكم، وباب الصفة غير باب القدر.

وإذا كانت المباينة بالقدر والجهة تعلم دون هذه علم أنها أيضا ثابتة، وإن كانت تلك أيضا ثابتة، وأنه مباين للخلق بالوجهين جميعا، بل المباينة بالجهة والقدر أكمل؛ فإنها تكون لما يقوم بنفسه كما تكون له المباينة بالصفة والكيفية.

التالي السابق


الخدمات العلمية