الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومن الأحداث

إن قابيل [بعد أن] قتل أخاه هرب إلى اليمن وشاع في أولاده الزنا وشرب الخمر والفساد ، فأوصى آدم أن لا ينكح بنو شيث بني قابيل ، فجعل بنو شيث آدم في مغارة وجعلوا عليه حافظا لا يقربه أحد من بني قابيل . وكان الذين يأتونه ويستغفر لهم بنو شيث ، فقال مائة من بني شيث صباح: لو نظرنا ما فعل عمنا . يعنون بني قابيل ، فهبطت المائة إلى نساء من بني قابيل فاحتبسوهن ، ثم قال مائة أخرى: لو نظرنا ما فعل إخوتنا فهبطوا فاحتبسهم النساء ثم هبط بنو شيث كلهم فجاءت المعصية ، فكثر بنو قابيل حتى ملئوا الأرض ، وهم الذين غرقوا أيام نوح .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز ، أخبرنا عبد الصمد بن علي بن المأمون ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن حنانه ، حدثنا البغوي ، حدثنا أبو نصر التمار ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن أبي عثمان ، عن ابن مسعود ، وابن عباس قالا: لما كثر بنو آدم دعت عليهم السماء والأرض والجبال والملائكة: ربنا أهلكهم ، فأوحى الله تعالى إلى الملائكة: أني لو أنزلت الشيطان والشهوة فيكم منزلتهما من بني آدم لفعلتم كما يفعلون ، فحدثوا أنفسهم بأنهم إن ابتلوا سيعتصمون ، فأوحى الله إليهم أن اختاروا من أفضلكم ملكين ، فاختاروا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض حكمين ، وهبطت الزهرة في صورة امرأة . وأهل فارس يسمونه بيدخت ، وكان الملائكة قبل ذلك يستغفرون للذين آمنوا ، فلما وقعا في الخطيئة استغفروا لمن في الأرض .

أخبرنا ابن الحصين ، أخبرنا ابن المذهب ، أخبرنا أحمد بن جعفر ، حدثنا [ ص: 226 ] عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثنا يحيى بن أبي بكير ، حدثنا زهير بن محمد ، عن موسى بن جبير ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول:

"إن آدم لما أهبطه الله تعالى إلى الأرض ، قالت الملائكة: أتجعل فيها من يفسد فيها ، نحن أطوع لك من بني آدم ، فقال تعالى للملائكة: هلموا ملكين من الملائكة حتى نهبطهما إلى الأرض ، ننظر كيف يعملان ، قالوا: هاروت وماروت . وأهبطا إلى الأرض ، ومثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن النساء ، فجاءتهما فسألاها نفسها ، فقالت: لا والله حتى تتكلما بهذه الكلمة من الشرك ، فقالا: والله لا نشرك بالله شيئا ، فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي فسألاها نفسها ، فقالت: لا والله حتى تقتلا هذا الصبي ، فقالا: لا والله لا نقتله أبدا ، ثم رجعت بقدح خمر [تحمله] ، فسألاها نفسها ، فقالت: لا والله حتى تشربا هذه الخمر ، فشربا فسكرا فوقعا عليها وقتلا الصبي ، فلما أفاقا قالت المرأة: والله ما تركتما شيئا مما أبيتما علي إلا قد فعلتما حين سكرتما ، فخيرا بين عذاب الدنيا والآخرة فاختارا عذاب الدنيا وقيل إن ذلك بعد رفع إدريس .

التالي السابق


الخدمات العلمية