فصل 
ولا يختلف الناقلون أن كل يوم من هذه الأيام الستة المذكورة بمقدار السنة ، وروى عكرمة  عن  ابن عباس  أنه قال: الستة الأيام التي خلق الله فيها السموات والأرض كل يوم منها كألف سنة  . وكذلك قال كعب  والضحاك   . 
فعلى هذا يكون مبتدأ الخلق إلى حين تكامله سبعة آلاف سنة تنقص شيئا  ، هذا مقدار لبث آدم  في الجنة ، فإن آدم عليه السلام  آخر المخلوقات ، وقد لبث في الجنة بعض يوم . 
قال المصنف: ولا أرى من ذهب إلى أن كل يوم مقداره ألف سنة أخذه إلا من قوله تعالى: وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون   . وهذا المراد به أيام الآخرة ، وليس يقوم ذلك دليلا على أن الأيام المتقدمة مثل المتأخرة . والذي أراه [أن] الستة أيام التي خلقت فيها الأشياء على مثال أيامنا بدليل النقل والمعنى .  [ ص: 126 ] 
أما النقل: فقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:  " خلق التربة يوم السبت وبث فيها الجبال يوم الأحد"  . ونحن نعرف مقدار الأحد والسبت . 
فأما المعنى: فإن المراد الإخبار بسرعة الإيجاد ، فإذا كان اليوم كألف سنة لم يحصل المقصود . وكنت أرى أني خالفت بهذا الرأي أهل التفسير حتى رأيت  الحسن البصري  قد قال: هذه الأيام مثل أيام الدنيا . 
وإذا قيل: لو كان المراد سرعة الإيجاد لقال لكل كن فكان في الحال ، فما فائدة الأيام؟ 
فالجواب: إن إيجاد الشيء على تمهل يمنع قول من قال كان بالإنتاق ، ثم قد رأت الملائكة كثيرا من المخلوقات ، فعرفت قدرة الخالق بإيجاده من لم يكن . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					