[ذكر من كان] بعد اليسع
قال وهب: اليسع شاب اسمه شمعون من أفاضل بني إسرائيل ، ثم استخلف عليهم رجلا يقال له قام بعد عيلوق ، وهو ابن ستين سنة ، فأقام لهم الحق أربعين سنة ، فتمت له مائة سنة ، وكان له ابنان يأخذان الرشوة ويفعلان الفسق ، فاستبدل الله عز وجل به أشموئيل .
أنبأنا ثابت بن بندار بن إبراهيم ، قال: أخبرنا أبي ، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن الحسن بن دوما ، قال: أخبرنا قال: حدثنا مخلد بن جعفر ، الحسن بن علي القطان ، قال: حدثنا إسماعيل بن عيسى ، قال: حدثنا إسحاق بن بشير القرشي ، قال: أخبرنا عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، الحسن ، قال: إنما غضب الله على عيلوق أنه رأى ابنا له يتعاطى من أمر النساء ما لا يحل له ، فقال: مهلا يا بني ، فغضب عليه ربه [ ص: 386 ] وقال: لم يكن من غضبك حتى انتهكت محارمي إلا أنك قلت مهلا يا بني . فسقط عن سريره ، فانقطع نخاعه وأسقطت إمارته .
وقتل ابن له في جيش كان بعثه ، وكان معهم التابوت ، وكان عدوهم العمالقة فظهروا عليهم وسبوا التابوت ، وحولت النبوة والخلافة إلى أشموئيل .
وفي رواية عن قال: لما قبض الله وهب بن منبه اليسع عظمت الخطايا في بني إسرائيل وعندهم التابوت يتوارثونه كابرا عن كابر وفيه السكينة وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون ، وكانوا لا يلقاهم عدو فيقدمون التابوت ويزحفون به معهم إلا هزم الله ذلك العدو .
ثم خلف فيهم ملك يقال له إيلاف ، فكانوا إذا نزل بهم عدو فخرجوا إليه وأخرجوا التابوت ، فنزل بهم عدو فأخذ من أيدهم التابوت ، فأخبر ملكهم إيلاف بأخذ التابوت فمات كمدا ، ووطئهم عدوهم حتى أصيب من أبنائهم ونسائهم ، فمكثوا على اضطراب من أمرهم ، واختلال من أحوالهم يتمادون في غيهم وضلالهم ، فسلط عليهم من ينتقم منهم ، ثم يراجعون التوبة فيكف [الله] عنهم شر من يبغيهم إلى أن بعث الله تعالى أشموئيل .
فبعث في زمانه طالوت ملكا ، فاستخلص التابوت ، وكان أمرهم من مدة وفاة يوشع تارة إلى ما ذكرنا من الأنبياء ، وتارة إلى القضاة ، وتارة إلى الساسة ، وتارة إلى عدو يقهرهم ، إلى أن عاد الملك والنبوة إليهم بأشموئيل ، فكانت تلك المدة أربعمائة وستين سنة .
وكان أول من ملكهم في هذه المدة رجلا من نسل لوط يقال له "كوسان" فقهرهم وأذلهم ثماني سنين ثم أخذه من يده أخ لكالب الأصغر يقال له "عثانيل بن يوفنا" فقام بأمرهم أربعين سنة ، ثم سلط الله عليهم ملكا يقال له "جعلون" ويقال "أعلون" فملكهم ثماني عشرة سنة . ثم ملك بعده "أيلون" من ولد إفرائيم خمسا وخمسين سنة ، [ ص: 387 ] فقال: إنه لما تمت له خمس وثلاثون سنة من ملكه عليهم تمت للعالم أربعة آلاف سنة .
ثم ملكهم رجل من سبط بنيامين يقال له "أهوز بن حنو الأشل" فقام بأمرهم ثمانين سنة ، ثم سلط عليهم ملك من الكنعانيين يقال له "يافين" فملكهم عشرين سنة .
ثم استنقذتهم امرأة نبي من أنبيائهم يقال لها "ديوار" فدبر أمرهم من قبلها رجل يقال له "باراق" أربعين سنة ، ثم سلط عليهم قوم من نسل لوط فملكوهم سبع سنين .
ثم أنقذهم منهم رجل من ولد نفثالي بن يعقوب يقال له "جدعون بن برانس" فدبر أمرهم أربعين سنة ، ثم دبر أمرهم [من] بعد ابنه أبيملك -وقيل: إنه ابن عمه- ثلاثا وعشرين سنة ، ثم دبرهم بعده رجل من بني إسرائيل يقال له "بابين" اثنتين وعشرين سنة . ثم ملكهم بعده بنو عمون ، وهم قوم من أهل فلسطين ثماني عشرة سنة ، ثم قام بأمرهم رجل منهم يقال له: "يفتح" ست سنين .
ثم دبرهم من بعده "ألون" عشر سنين ، ثم دبر أمرهم يحنون وهو رجل من بني إسرائيل ، ثم دبرهم من بعده "ليزون" ، ويسميه بعضهم عكرون ثماني سنين ، ثم قهرهم أهل فلسطين وملكوهم أربعين سنة .
ثم وليهم شمشون عشرين سنة ، ثم بقوا بغير رئيس ولا مدبر عشر سنين . ثم دبر أمرهم بعد ذلك عالي الكاهن ، وفي أيامه غلب أهل غزة وعسقلان على التابوت ، ثم مضى من وقت قيامه بأمرهم أربعون سنة ، بعث شمويل نبيا فدبر أمرهم عشر سنين .
ثم سألوه حين نالهم بالذل والهوان [بمعصيتهم ربهم] أعداؤهم أن يبعث لهم ملكا معهم في سبيل الله فبعث لهم طالوت .
[ ص: 388 ]