ذكر البحار 
أخبرنا  ابن الحصين  ، أخبرنا  ابن المذهب  ، أخبرنا أحمد بن جعفر  ، أخبرنا عبد الله  ، قال حدثني أبي  ، [أخبرنا يزيد   ] أخبرنا العوام  ، قال: حدثني شيخ كان مرابطا بالساحل  ، قال: لقيت أبا صالح مولى عمر بن الخطاب   -رضي الله عنه- فقال: أخبرنا  عمر بن الخطاب  ، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:  " ليس من ليلة إلا والبحر يشرف على الأرض ثلاث مرات يستأذن الله في أن يتنصح عليهم فيكفه الله عز وجل   "  . 
وروى محمد بن شعيب بن شابور  ، عن عمر بن يزيد المنقري   : أن بحرنا هذا خليج من قنطس ، وقنطس خلفه محيط بالأرض كلها ، فهو عنده كعين على سيف البحر ، ومن خلفه الأصم محيط بالأرض كلها فقنطس وما دونه كعين على سيف البحر ، ومن خلفه البحر المظلم محيط بالأرض كلها فالأصم وما دونه كعين على سيف البحر ، ومن خلفه الماس محيط بالأرض كلها ، فالمظلم وما دونه عنده كعين على سيف البحر ، ومن خلفه الباكي ، وهو ماء عذب ، أمره الله تعالى أن يرتفع ، فأراد أن يستجمع فزجره فهو باك يستغفر الله محيط بالأرض كلها ، فالماس وما دونه عنده كعين على سيف البحر ، ومن خلفه العرش محيط بالدنيا فالباكي وما دونه عنده كعين على سيف البحر .  [ ص: 153 ] 
قال  أبو الحسين ابن المنادي   : ثم بلغنا أن البحر المعروف بالقنطس من وراء قسطنطينية  يجيء من بحر الخزر  ، وعرض فوهته ستة أميال ، فإذا بلغ أندس  صار بين جبلين وضاق حتى يكون عرضه علوه منهم بين أندس  هذه وبين قسطنطينية  مائة ميل في مستوى من الأرض ، ثم يمر الخليج حتى يصب في أرض الشام  ، وعرضه عند مصبه ذلك مقدار علوه منهم ، وهنالك زعموا صخرة عليها برج فيه سلسلة تمنع المسلمين من دخول الخليج ، وطول الخليج من بحر الخزر  إلى بحر الشام  ثلاث وعشرون ميلا ، ينحدر الراكب فيه من بحر الخزر  وتلك النواحي ، ويصعد فيه من بحر الشام  إلى القسطنطينية   . 
قالوا: وأما البحر الذي خلف الصقالبة  فلا يجري فيه الفلك ولا القوارب ، ولا يجيء منه خبر . 
وأما البحر الغربي فممنوع من الخير ، وفي ركوبه خطر ، وليس من البحر أعظم بركة من البحر الشرقي  ، وطوله من القلزم  إلى العد قواق وذلك مقدار أربعة آلاف وخمسمائة فرسخ فيجيء من السند  الخيزران والقثاء والقسط ، ويجيء من سندان الساج والقثاء أيضا ، ويجيء من مل الفلفل ، وعلى كل عنقود من عناقيد الفلفل ورقة تكنه من المطر ، فإذا انقطع حين المطر ارتفعت العدق عنه ، فإذا عاد المطر عادق عليه ، 
ويجيء من سرنديب  الماس ، وهناك الياقوت ، ويجيء من جزيرة الرامي البقم  ، ويقال إن عروق البقم نافع من سم سباعة [الأفاعي] وقد جربه البحريون من لدغ أفعى ، ويجيء من هناك الخيزران أيضا ، ويجيء من جزيرة لبكيالوس  النارجيل ، ومن جزيرة كله  ، وهي معدن الرصاص ، ومن جزيرة الخيزران  أيضا ومن جزيرة صالوس  الكافور ، ومن جزيرة جابه  وشلامط  السنبل والصندل والقرنفل ، ومن الصين  المسك والعود ، والجولنجان ، والدارسيني ، ومن الوقواق  الذهب والأبنوس ، ومن الهند  العود والكافور وجوزبوا ، ومن اليمين العنبر والورس .  [ ص: 154 ] 
وقال بعض العلماء: أعظم البحار  بحر فارس ،  وبحر الروم  ، وهما خليجان متقابلان يأخذان من البحر المحيط  ، وأعظمها طولا وعرضا بحر فارس ،  وبحر القلزم ،  وهو الذي انفلق لموسى عليه السلام  وغرق فيه فرعون    . والأرض كلها مستديرة ، والبحر المحيط  مختف بها كالطوق . 
وفي البحار  ما لا يعيش فيها حيوان أصلا إما لشدة حرارة مائة أو لشدة برده . والبحر الغربي  لا يجري فيه السفن لأن فيه جبالا من حجارة المغناطيس إذا انتهت السفن إليها جذبت ما فيها من المسامير فأسقطت ، وفيه سمك على صورة الناس . وفي بحر الهند  حيتان تبلع القارب ، وفيه سمك طيارة . وفي بحر الشرقي  سمك طول السمكة مائة باع ، ومائتا باع ، وسمك بمقدار الذراع ، وجوهها كوجوه البوم ، وسمك على خلقة البقر يعمل من جلودها الدرق ، وسمك على خلقة الجمال ، وسمك طول السمكة عشرون ذراعا في جوفها مثلها وفي الأخرى مثلها إلى أربع سمكات ، وسلاحف دوران السلحفاة عشرون ذراعا وفي بطنها مقدار ألف بيضة . 
وذكر أبو عبد الله أحمد بن محمد بن إسحاق الفقيه  في كتاب البلدان فقال: قال ابن عباس الزرقي   : البحار أربعة: البحر الكبير  الذي ليس في العالم أكبر منه هو يأخذ من المغرب  إلى القلزم  ، وهو مر مالح لا يستمد من غيره ، وهو يمر من القلزم  على وادي القرى  ، ثم يمر إلى جدة  ثم يبلغ عدن  ثم الشحر  ثم إلى بربر  ثم إلى عمان  ، فيمر بالديل  ، وفيه جزائر لا يحصى ، وفيه أربعة آلاف فرسخ وخمسمائة فرسخ ، وعرضه مثل ذلك . 
ويخرج من هذا البحر خليج من ناحية القبلة حتى بلغ أيلة البصرة   . 
ثم البحر الغربي الرومي  من أنطاكية  إلى قسطنطينية  ، ثم يدور آخذا إلى ناحية الدبور  حتى يخرج خلف باب الأبواب من ناحية الخزر  وعليه المدن ، وفيه جزيرة فيها اثنا عشر مدينة ، وعليه من ناحية مصر  ودمياط  ، وعليه جزائر ثلاثمائة ، وعليه بلاد أسقلية  ، وفي هذه الجزائر والسواحل ملوك متوجون لا يردون الطاعة إلى صاحب قسطنطينية   .  [ ص: 155 ] 
والبحر الثالث: الخراساني  عليه جبال موقان  وطبرستان  وري  وجرجان  حتى يبلغ خوارزم  ، وفي الجانب الشمالي أربعة آلاف ومائة مدينة ، وفي يد ملك النوبة  ألف مدينة من العين ، وفي ناحية الشمال ثلاثة بحور ، ويقال إن بحر الهند  طوله من المغرب  إلى المشرق  ، ألف ميل ، وعرضه ألفا ميل وسبعمائة ميل ، وبجانبه جزيرة يستوي فيها الليل والنهار ، وفيه من الجزائر ألف وثلاثمائة وستون جزيرة فيها جبال ، ومبلغ الأقاليم السبعة ثمانية وثلاثون ألف فرسخ ، وعرضها ألف وتسعمائة وخمس وتسعون فرسخا . 
وذكروا أن الفلك ثلاثمائة وستون درجة ، محيط بالأرض كالمحة في جوف البيضة ، ويحيط بالبحر من أسفل وفوق . والأرض في وسط الفلك . 
قال أبو عبد الله الفقيه   : قد جعل الله سبحانه وتعالى لكل بحر جزرا ومدا  ، وفي بحر فارس  الماء ثلاثون باعا إلى سبعين باعا ، وفيه اللؤلؤ الجيد ، ثم بعد ذلك بحر فيه ملوك من العرب  يكون على الزنج  والصقالبة  ، وفي هذه الجزيرة عنبر كثيرة فيله لا يحصى ، وجزائر الواق  ألف وسبعمائة جزيرة ملكتها امرأة . 
قال موسى بن المبارك السيرافي   : دخلت مملكتها فرأيتها تقعد لأهل مملكتها عريانة على السرير وعليها تاج ، وعلى رأسها أربعة آلاف وصيفة عراة أبكار . 
وفي بلادها من السمك ما يكون مائة ذراع ، ومائتي ذراع يخاف على السفر منها أن يضربها بأجنحتها فتغرق المركب ، فإذا سلك المركب هناك ضربوا بالخبث بالليل كله مخافة من هذا السمك ، وفيه سلاحف السلحفاة استدارت عشرون ذراعا ، يخرج من بطن الواحدة ألف بيضة ، وفيه طين يجمع على رأس الماء أشياء ، وتبيض عليها وتحضنه . وفيه سمك على خلقة البقر . 
وثم جزيرة سرنديب  ، فإذا مات الميت هناك قطع أربعة أرباع وأحرق بالنار ، وأهله ونساؤه يتهافتون حوله حتى يحرقوا أنفسهم معه .  [ ص: 156 ] 
وثم الكركورن ، وناس حفاة عراة لا يفهم كلامهم مأواهم رءوس الشجر ، وطعامهم ثمر الشجر ، ويستوحشون من الناس ، وهناك أشجار الكافور ، تظل الشجرة مائة رجل ومائتين ، ويسيل الكافور كما يسيل الصمغ ، ومن ورائهم قوم يأكلون الناس مأواهم رءوس الجبال ، ثم هناك جزيرتان فيهما قوم سود يأكلون الرجال دون النساء ، وبعد ذلك يخرج فيه حيات يبتلع الرجال ، وثم قردة بيض كالجواميس ، وسنانير لها أجنحة ، والبد صنم بالهند  يحجون إليه من مسيرة سنة وأكثر ، ويتقربون إليه وطوله أرجح من عشرين ذراعا على صورة رجل ، ويزعمون أنه نزل من السماء ، وهو من حجر ألبس صفائح من ذهب وله سدنة ويمار في الرجل وقد لف على أصابعه قطنا وصب عليها دهنا ويشعل فيها النار ، فلا يزال واقفا حتى يحترق ، وبين الهند  والصين  ثلاثون ملكا أصغر ملك بها يملك ما يملكه العرب  ، ومن ذبح ببلاد الهند  بقرة يذبح . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					