[ ص: 261 ] ذكر قصة إلقائه في النار
قال شعيب بن الجبائي: إن الذي قال: حرقوه ، خسف به الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة . وألقي إبراهيم في النار وهو ابن ست عشرة سنة .
قال علماء السير: أمر نمرود بجمع الحطب فجمعوا ، حتى إن كانت المرأة [لتنذر] في بعض ما تطلب مما تحب إن قالت كذا ، لتحتطبن على نار إبراهيم احتسابا في دينها ، فلما أوقدوا النار أجمعوا على قذفه فيها ، قالت الخلائق: أي ربنا! إبراهيم ليس في أرضك أحد يعبدك غيره يحرق بالنار فيك! فأذن لنا في نصرته .
قال: فإن استغاث بشيء منكم فأغيثوه ، وإن لم يدع غيري فأنا وليه ، فلما ألقي في النار قال: يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم [21: 69] .
وجاء جبرئيل وإبراهيم موثق ، قال: ألك حاجة؟ قال: أما إليك فلا .
قال كعب: ما أحرقت النار إلا وثاقه .
قال عبد الله بن عمرو: إبراهيم حين طرح في النار: حسبي الله ونعم الوكيل . أول كلمة قالها
قال عن أشياخه: رفع السدي إبراهيم رأسه إلى السماء ، وقال: اللهم أنت الواحد في السماء ، وأنا الواحد في الأرض ، ليس [في الأرض أحد] يعبدك غيري ، حسبي الله ونعم الوكيل ، فقذفوه [في النار] ، فقال: يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم [21: 69] .
[ ص: 262 ]
قال لو لم يتبع بردها «سلاما» لمات ابن عباس: إبراهيم من بردها ، ولم تبق نار يومئذ في الأرض إلا طفئت ، ظنت أنها هي التي تعنى .
فلما طفئت النار نظروا إلى إبراهيم فإذا هو ورجل آخر معه ، فإذا رأس إبراهيم في حجره يمسح عن وجهه العرق ، وذكروا أن ذلك الرجل هو ملك الظل ، فأخرجوا إبراهيم وأدخلوه على الملك .
وقال بعث الله ملك الظل فقعد مع ابن إسحاق: إبراهيم يؤنسه ، فمكث نمرود أياما لا يشك أن النار قد أكلت إبراهيم [ثم ركب فنظر فإذا إبراهيم] وإلى جنبه رجل جالس ، فناداه نمرود: يا إبراهيم ، كبير إلهك الذي بلغت قدرته أن حال بين ما أرى وبينك ، هل تستطيع أن تخرج منها؟
فقام إبراهيم يمشي حتى خرج ، فقال له: يا إبراهيم ، من الرجل الذي رأيت معك؟ قال: ملك الظل ، أرسله ربي ليؤنسني . فقال: إني مقرب إلى إلهك قربانا لما رأيت من قدرته ، فقال: إنه لا يقبل منك ما كنت على دينك ، فقال: لا أستطيع ترك ملكي ، ولكن سوف أذبحها له ، فذبح أربعة آلاف بقرة ، وكف عن إبراهيم .
واستجاب لإبراهيم رجال من قومه؛ لما رأوا من تلك الآية على خوف من نمرود ، فآمن له لوط -وكان ابن أخيه- وهو لوط بن هاران بن تارخ ، وهاران أخو إبراهيم ، وهو الذي بنى مدينة حران وإليه تنسب . وآمنت به سارة وهي ابنة عمه فتزوجها .
قال عن أشياخه: لما انطلق السدي إبراهيم ولوط إلى الشام لقي إبراهيم سارة وهي بنت ملك حران وقد طعنت على قومها في دينهم ، فتزوجها على أن لا يغيرها .
[ ص: 263 ]