ألا هل أتى أم الحويرث مرسل بل خالد إن لم تعقه العوائق
التقدير أتى خالد ، أو يأتيها خالد ، وليس حذف الفعل الذي قدره ، وتبعه ابن جني واحدا من هذه الأقسام الثلاثة . والذي عندي أن هذه القراءة الشاذة تخرج على وجهين : أحدهما; أن يكون ( شهادة ) منصوبة على المصدر الذي ناب مناب الفعل ، بمعنى الأمر ، واثنان مرتفع به ، والتقدير ليشهد بينكم اثنان فيكون من باب قولك : ضربا زيدا ، إلا أن الفاعل في ضربا مسند إلى ضمير المخاطب; لأن معناه اضرب ، وهذا مسند إلى الظاهر; لأن معناه ليشهد ، والوجه الثاني أن يكون أيضا مصدرا ، ليس بمعنى الأمر ، بل يكون خبرا ناب مناب الفعل في الخبر ، وإن كان ذلك قليلا ، كقولك : افعل وكرامة ومسرة أي وأكرمك وأسرك ، فكرامة ومسرة بدلان من اللفظ بالفعل في الخبر ، وكما هو الأحسن في قول الزمخشري امرئ القيس :وقوفا بها صحبي علي مطيهم
فارتفاع صحبي وانتصاب ( مطيهم ) بقوله وقوفا; لأنه بدل من اللفظ بالفعل في الخبر ، التقدير وقف صحبي علي مطيهم . والتقدير في الآية [ ص: 40 ] يشهد إذا حضر أحدكم الموت اثنان ، والشهادة هنا هل هي التي تقام بها الحقوق عند الحكام ، أو الحضور ، أو اليمين ؟ ثلاثة أقوال آخرها ، والقفال كقوله : ( للطبري فشهادة أحدهم أربع شهادات ) . وقيل : تأتي الشهادة بمعنى الإقرار ، نحو قوله : ( والملائكة يشهدون ) ، وبمعنى العلم ، نحو قوله : ( شهد الله أنه لا إله إلا هو ) ، وبمعنى الوصية . وخرجت هذه الآية عليه ، فيكون فيها أربعة أقوال .