(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=28977قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=15قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=16من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=17وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=18وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=19قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=20الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=21ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=22ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=23ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=24انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=25ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=26وهم ينهون عنه وينأون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=27ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=28بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=29وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=30ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=31قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=32وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون ) . فطر : خلق وابتدأ من غير مثال . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ما كنت أعرف معنى ( فطر ) ، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر ، فقال أحدهما : أنا فطرتها ; أي اخترعتها وأنشأتها ، وفطر أيضا شق يقال فطر ناب البعير ومنه هل ترى من فطور ؟ وقوله : يتفطرن منه . كشف الضر : أزاله ، وكشفت عن ساقيها; أزالت ما يسترهما . القهر : الغلبة والحمل على الشيء من غير اختيار . الوقر : الثقل في السمع ، يقال : وقرت أذنه ، بفتح القاف وكسرها ، وسمع أذن موقورة ، فالفعل على هذا وقرت . والوقر بفتح الواو وكسرها . أساطير : جمع إسطارة ، وهي الترهات ، قاله
أبو عبيدة . وقيل : أسطورة كأضحوكة . وقيل : واحده أسطور . وقيل : إسطير وإسطيرة . وقيل : جمع لا واحد له ، مثل عباديد . وقيل : جمع الجمع ، يقال سطر وسطر ، فمن قال : سطر ، جمعه في القليل على أسطر ، وفي الكثير على سطور ، ومن قال : سطر ، جمعه على أسطار ، ثم جمع أسطارا على أساطير ، قاله
يعقوب . وقيل : هو جمع جمع الجمع يقال : سطر ، وأسطر ، ثم أسطار ، ثم أساطير ، ذكر ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج . وليس أسطار جمع أسطر ، بل هما جمعا قلة لسطر . قال
ابن عطية : وقيل : هو اسم جمع لا واحد له من لفظه ،
[ ص: 85 ] كعباديد ، وشماطيط انتهى . وهذا لا تسميه النحاة اسم جمع; لأنه على وزن الجموع ، بل يسمونه جمعا ، وإن لم يلفظ له بواحد . نأى نأيا بعد وتعديته لمفعول منصوب بالهمزة ، لا بالتضعيف ، وكذا ما كان مثله مما عينه همزة . وقف على كذا : ( حبس ) ، ومصدر المتعدي ( وقف ) ، ومصدر اللازم ، ( وقوف ) ، فرق بينهما بالمصدر . البغت والبغتة : الفجأة ، يقال : بغته يبغته; أي فجأه يفجأه ، وهي مجيء الشيء سرعة من غير جعل بالك إليه ، وغير علمك بوقت مجيئه . فرط : قصر مع القدرة على ترك التقصير . وقال
أبو عبيد : فرط : ضيع . وقال
ابن بحر : فرط : سبق ، والفارط السابق ، وفرط خلى السبق لغيره . الأوزار : الآثام والخطايا ، وأصله الثقل من الحمل ، وزرته حملته ، وأوزار الحرب أثقالها من السلاح ، ومنه الوزير; لأنه يحمل عن السلطان أثقال ما يسند إليه من تدبير ملكه . اللهو : صرف النفس عن الجد إلى الهزل ، يقال منه لها يلهو ، ولهي عن كذا ، صرف نفسه عنه ، والمادة واحدة ، انقلبت الواو ياء; لكسر ما قبلها ، نحو شقي ورضي . قال
المهدوي : الذي معناه الصرف ، لامه ياء ، بدليل قولهم لهيان ، ولام الأول واو انتهى . وهذا ليس بشيء; لأن الواو في التثنية انقلبت ياء ، وليس أصلها الياء ، ألا ترى إلى تثنية شج شجيان وهو من ذوات الواو ، من الشجو ؟
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض ) لما تقدم أنه تعالى اخترع السماوات والأرض ، وأنه مالك لما تضمنه المكان والزمان ، أمر تعالى نبيه أن يقول لهم ذلك على سبيل التوبيخ لهم; أي من هذه صفاته هو الذي يتخذ وليا وناصرا ومعينا ، لا الآلهة التي لكم ، إذ هي لا تنفع ولا تضر; لأنها بين جماد أو حيوان مقهور ، ودخلت همزة الاستفهام على الاسم دون الفعل; لأن الإنكار في اتخاذ غير الله وليا ، لا في اتخاذ الولي ، كقولك لمن ضرب زيدا ، وهو ممن لا يستحق الضرب ، بل يستحق الإكرام ، أزيدا ضربت ، تنكر عليه أن يكون مثل هذا يضرب ، ونحوه (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=64أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ) ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=59آلله أذن لكم ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : وغيره أمر أن يقول هذه المقالة للكفرة الذين دعوه إلى عبادة أوثانهم ، فتجيء الآية على هذا جوابا لكلامهم انتهى . وهذا يحتاج إلى سند في أن سبب نزول هذه الآية ، هو ما ذكره وانتصاب غير على أنها مفعول أول لـ ( اتخذ ) . وقرأ الجمهور (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14فاطر ) ، فوجهه
ابن عطية nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري ، ونقلها
الحوفي على أنه نعت لله ، وخرجه
أبو البقاء على أنه بدل ، وكأنه رأى أن الفصل بين المبدل منه والبدل ، أسهل من الفصل بين المنعوت والنعت ، إذ البدل على المشهور ، هو على تكرار العامل . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة ، برفع الراء ، على إضمار ( هو ) . قال
ابن عطية : أو على الابتداء انتهى . ويحتاج إلى إضمار خبر ، ولا دليل على حذفه . وقرئ شاذا ، بنصب الراء ، وخرجه
أبو البقاء على أنه صفة لولي ، على إرادة التنوين ، أو بدل منه ، أو حال ، والمعنى على هذا أأجعل (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14فاطر السماوات والأرض ) غير الله ؟ انتهى . والأحسن نصبه على المدح . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ( فطر ) ، جعله فعلا ماضيا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14وهو يطعم ولا يطعم ) أي يرزق ، ولا يرزق ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=57ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون ) والمعنى أن المنافع كلها من عند الله . وخص الإطعام من بين أنواع الانتفاعات ، لمس الحاجة إليه ، كما خص الربا بالأكل ، وإن كان المقصود الانتفاع بالربا . وقرأ
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وأبو حيوة nindex.php?page=showalam&ids=16711وعمرو بن عبيد وأبو عمرو ، وفي رواية عنه (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14ولا [ ص: 86 ] يطعم ) بفتح الياء ، والمعنى أنه تعالى منزه عن الأكل ، ولا يشبه المخلوقين . وقرأ
يمان العماني nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة ( ولا يطعم ) ، بضم الياء وكسر العين مثل الأول ، فالضمير في ( وهو يطعم ) عائد على الله ، وفي ( ولا يطعم ) عائد على الولي . وروى
ابن المأمون عن
يعقوب ( وهو يطعم ولا يطعم ) على بناء الأول للمفعول ، والثاني للفاعل ، والضمير لغير الله . وقرأ
الأشهب : ( وهو يطعم ولا يطعم ) على بنائهما للفاعل ، وفسر بأن معناه ، وهو يطعم ، ولا يستطعم ، وحكى
الأزهري أطعمت بمعنى استطعمت . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يكون المعنى; وهو يطعم تارة ، ولا يطعم أخرى ، على حسب المصالح ، كقولك : هو يعطي ، ويمنع ، ويبسط ، ويقدر ، ويغني ، ويفقر . وفي قراءة من قرأ باختلاف الفعلين تجنيس التشكيل ، وهو أن يكون الشكل فرقا بين الكلمتين ، وسماه
nindex.php?page=showalam&ids=13573أسامة بن منقذ في بديعته; تجنيس التحريف ، وهو بتجنيس التشكيل أولى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=28977قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم ) . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : لأن النبي سابق أمته في الإسلام ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=163وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) ، وكقول
موسى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ) . قال
ابن عطية : المعنى; أول من أسلم من هذه الأمة ، وبهذه الشريعة ، ولا يتضمن من الكلام إلا ذلك ، وهذا الذي قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وابن عطية ، هو قول
الحسن . قال
الحسن : معناه أول من أسلم من أمتي . قيل : وفي هذا القول نظر; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصدر منه امتناع عن الحق ، وعدم انقياد إليه ، وإنما هذا على طريق التعريض على الإسلام ، كما يأمر الملك رعيته بأمر ، ثم يتبعه بقوله : أنا أول من يفعل ذلك; ليحملهم على فعل ذلك . وقيل : أراد الأولية في الرتبة ، والفضيلة ، كما جاء نحن الآخرون الأولون ، وفي رواية السابقون . وقيل : ( أسلم ) أخلص ، ولم يعدل بالله شيئا . وقيل : استسلم . وقيل : أراد دخوله في دين
إبراهيم ، عليه السلام ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل ) . وقيل : أول من أسلم يوم الميثاق ، فيكون سابقا على الخلق كلهم ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=7وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14ولا تكونن من المشركين ) أي ، وقيل : لي ، والمعنى أنه أمر بالإسلام ، ونهي عن الشرك ، هكذا خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وابن عطية ، على إضمار وقيل : لي; لأنه لا ينتظم عطفه على لفظ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14إني أمرت أن أكون أول من أسلم ) فيكون مندرجا تحت لفظ ( قل ) ، إذ لو كان كذلك ، لكان التركيب ، ولا أكون من المشركين . وقيل : هو معطوف على معمول ( قل ) حملا على المعنى ، والمعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14قل إني ) قيل : لي كن (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14أول من أسلم ولا تكونن من المشركين ) ، فهما جميعا محمولان على القول ، لكن أتى الأول بغير لفظ القول ، وفيه معناه ، فحمل الثاني على المعنى . وقيل : هو معطوف على ( قل ) أمر بأن يقول كذا ، ونهي عن كذا . وقيل : هو نهي عن موالاة المشركين . وقيل : الخطاب له لفظا ، والمراد أمته ، وهذا هو الظاهر; لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=65لئن أشركت ليحبطن عملك ) ، والعصمة تنافي إمكان الشرك .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=28977قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ) . الظاهر أن الخوف هنا على بابه ، وهو توقع المكروه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : معنى ( أخاف ) أعلم . و ( عصيت ) عامة في أنواع المعاصي ، ولكنها هنا إنما تشير إلى الشرك الذي نهي عنه ، قاله
ابن عطية . والخوف ليس بحاصل لعصمته ، بل هو معلق بشرط ، هو ممتنع في حقه ، وجوابه محذوف ، ولذلك جاء بصيغة الماضي ، فقيل : هو شرط معترض ، لا موضع له من الإعراب ، كالاعتراض بالقسم . وقيل : هو في موضع نصب على الحال ، كأنه قيل : إني أخاف عاصيا ربي . وقال
أبو عبد الله الرازي : مثال الآية ، إن كانت الخمسة زوجا ، كانت منقسمة متساويتين; يعني أنه تعليق على مستحيل . واليوم العظيم هو يوم القيامة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=16من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه ) . قرأ
حمزة وأبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ( من يصرف ) مبنيا للفاعل ، فـ ( من ) مفعول مقدم ، والضمير في ( يصرف ) عائد على الله ، ويؤيده قراءة
أبي ( من يصرف الله ) ، وفي ( عنه ) عائد على العذاب ، والضمير المستكن
[ ص: 87 ] في ( رحمه ) عائد على الرب; أي أي شخص يصرف الله عنه العذاب ، فقد رحمه الرحمة العظمى ، وهي النجاة من العذاب ، وإذا نجي من العذاب ، دخل الجنة . ويجوز أن يعرب ( من ) مبتدأ . والضمير في ( عنه ) عائد عليه ، ومفعول ( يصرف ) محذوف اختصارا ، إذ قد تقدم في الآية قبل التقدير; أي شخص يصرف الله العذاب عنه ، فقد رحمه ، وعلى هذا يجوز أن يكون من باب الاشتغال ، فيكون ( من ) منصوبا بإضمار فعل ، يفسره معنى ( يصرف ) ، ويجوز على إعراب ( من ) مبتدأ ، أن يكون المفعول مذكورا ، وهو ( يومئذ ) ، على حذف أي هول يومئذ ، فينتصب ( يومئذ ) انتصاب المفعول به . وقرأ باقي السبعة (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=16من يصرف ) مبنيا للمفعول ، ومعلوم أن الصارف هو الله تعالى ، فحذف للعلم به ، أو للإيجاز ، إذ قد تقدم ذكر الرب ، ويجوز في هذا الوجه أن يكون الضمير في ( يصرف ) عائدا على ( من ) ، وفي ( عنه ) عائدا على العذاب; أي أي شخص يصرف عن العذاب ، ويجوز أن يكون الضمير عائدا على ( من ) ، ومفعول ( يصرف ) ( يومئذ ) ، وهو مبني لإضافته إلى ( إذ ) ، فهو في موضع رفع بـ ( يصرف ) . والتنوين في ( يومئذ ) تنوين عوض من جملة محذوفة ، يتضمنها الكلام السابق ، التقدير يوم إذ يكون الجزاء ، إذ لم يتقدم جملة مصرح بها ، يكون التنوين عوضا عنها ، وتكلم المعربون في الترجيح بين القراءتين على عادتهم ، فاختار
أبو عبيد وأبو حاتم . وأشار
أبو علي إلى تحسينه قراءة ( يصرف ) مبنيا للفاعل; لتناسب (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=16فقد رحمه ) ، ولم يأت ( فقد رحم ) ، ويؤيده قراءة
عبد الله ،
وأبي ( من يصرف الله ) . ورجح
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري قراءة ( يصرف ) مبنيا للمفعول ، قال : لأنها أقل إضمارا . قال
ابن عطية : وأما
nindex.php?page=showalam&ids=17141مكي بن أبي طالب ، فتخبط في كتاب الهداية في ترجيح القراءة بفتح الياء ، ومثل في احتجاجه بأمثلة فاسدة . قال
ابن عطية : وهذا توجيه لفظي ، يشير إلى الترجيح تعلقه خفيف ، وأما المعنى; فالقراءتان واحد انتهى . وقد تقدم لنا غير مرة ، أنا لا نرجح بين القراءتين المتواترتين . وحكى
أبو عمرو الزاهد في كتاب اليواقيت; أن
أبا العباس أحمد بن يحيى ثعلبا ، كان لا يرى الترجيح بين القراءات السبع . وقال : قال
ثعلب من كلام نفسه ، إذا اختلف الإعراب في القرآن عن السبعة ، لم أفضل إعرابا على إعراب في القرآن ، فإذا خرجت إلى الكلام ، كلام الناس ، فضلت الأقوى ، ونعم السلف لنا
أحمد بن يحيى ، كان عالما بالنحو واللغة ، متدينا ثقة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=16وذلك الفوز المبين ) الإشارة بـ ( ذلك ) إلى المصدر المفهوم (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=16من يصرف ) أي وذلك الصرف هو الظفر ، والنجاة من الهلكة . و ( المبين ) البين في نفسه ، أو المبين غيره .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=28977قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=15قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=16مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=17وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=18وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=19قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=20الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=21وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=22وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=23ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=24انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=25وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=26وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=27وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=28بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=29وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=30وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=31قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=32وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) . فَطَرَ : خَلَقَ وَابْتَدَأَ مِنْ غَيْرِ مِثَالٍ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : مَا كُنْتُ أَعْرِفُ مَعْنَى ( فَطَرَ ) ، حَتَّى أَتَانِي أَعْرَابِيَّانِ يَخْتَصِمَانِ فِي بِئْرٍ ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا : أَنَا فَطَرْتُهَا ; أَيِ اخْتَرَعْتُهَا وَأَنْشَأْتُهَا ، وَفَطَرَ أَيْضًا شَقَّ يُقَالُ فَطَرَ نَابَ الْبَعِيرِ وَمِنْهُ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ؟ وَقَوْلُهُ : يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ . كَشَفَ الضُّرَّ : أَزَالَهُ ، وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا; أَزَالَتْ مَا يَسْتُرُهُمَا . الْقَهْرُ : الْغَلَبَةُ وَالْحَمْلُ عَلَى الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ . الْوَقْرُ : الثِّقَلُ فِي السَّمْعِ ، يُقَالُ : وَقَرَتْ أُذُنُهُ ، بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا ، وَسُمِعَ أُذُنٌ مَوْقُورَةٌ ، فَالْفِعْلُ عَلَى هَذَا وَقَرَتْ . وَالْوَقْرُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا . أَسَاطِيرُ : جَمْعُ إِسْطَارَةٍ ، وَهِيَ التُّرَّهَاتُ ، قَالَهُ
أَبُو عُبَيْدَةَ . وَقِيلَ : أُسْطُورَةٌ كَأُضْحُوكَةٍ . وَقِيلَ : وَاحِدُهُ أُسْطُورٌ . وَقِيلَ : إِسْطِيرٌ وَإِسْطِيرَةٌ . وَقِيلَ : جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ ، مِثْلُ عَبَادِيدَ . وَقِيلَ : جَمْعُ الْجَمْعِ ، يُقَالُ سَطْرٌ وَسُطُرٌ ، فَمَنْ قَالَ : سَطْرٌ ، جَمَعَهُ فِي الْقَلِيلِ عَلَى أَسْطُرٍ ، وَفِي الْكَثِيرِ عَلَى سُطُورٍ ، وَمَنْ قَالَ : سُطُرٌ ، جَمَعَهُ عَلَى أَسْطَارٍ ، ثُمَّ جَمَعَ أَسْطَارًا عَلَى أَسَاطِيرَ ، قَالَهُ
يَعْقُوبُ . وَقِيلَ : هُوَ جَمْعُ جَمْعِ الْجَمْعِ يُقَالُ : سَطْرٌ ، وَأَسْطُرٌ ، ثُمَّ أَسْطَارٌ ، ثُمَّ أَسَاطِيرٌ ، ذُكِرَ ذَلِكَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ . وَلَيْسَ أَسْطَارٌ جَمْعَ أَسْطُرٍ ، بَلْ هُمَا جَمْعَا قِلَّةٍ لِسَطْرٍ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقِيلَ : هُوَ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ ،
[ ص: 85 ] كَعَبَادِيدَ ، وَشَمَاطِيطَ انْتَهَى . وَهَذَا لَا تُسَمِّيهِ النُّحَاةُ اسْمَ جَمْعٍ; لِأَنَّهُ عَلَى وَزْنِ الْجُمُوعِ ، بَلْ يُسَمُّونَهُ جَمْعًا ، وَإِنْ لَمْ يُلْفَظْ لَهُ بِوَاحِدٍ . نَأَى نَأْيًا بَعُدَ وَتَعْدِيَتُهُ لِمَفْعُولٍ مَنْصُوبٍ بِالْهَمْزَةِ ، لَا بِالتَّضْعِيفِ ، وَكَذَا مَا كَانَ مِثْلُهُ مِمَّا عَيْنُهُ هَمْزَةٌ . وَقَفَ عَلَى كَذَا : ( حَبَسَ ) ، وَمَصْدَرُ الْمُتَعَدِّي ( وَقْفٌ ) ، وَمَصْدَرُ اللَّازِمِ ، ( وُقُوفٌ ) ، فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِالْمَصْدَرِ . الْبَغْتُ وَالْبَغْتَةُ : الْفَجْأَةُ ، يُقَالُ : بَغَتَهَ يَبْغَتُهُ; أَيْ فَجَأَهُ يَفْجَأُهُ ، وَهِيَ مَجِيءُ الشَّيْءِ سُرْعَةً مِنْ غَيْرِ جَعْلِ بَالِكَ إِلَيْهِ ، وَغَيْرِ عِلْمِكَ بِوَقْتِ مَجِيئِهِ . فَرَّطَ : قَصَّرَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى تَرْكِ التَّقْصِيرِ . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ : فَرَّطَ : ضَيَّعَ . وَقَالَ
ابْنُ بَحْرٍ : فَرَطَ : سَبَقَ ، وَالْفَارِطُ السَّابِقُ ، وَفَرَطَ خَلَّى السَّبْقَ لِغَيْرِهِ . الْأَوْزَارُ : الْآثَامُ وَالْخَطَايَا ، وَأَصْلُهُ الثِّقَلُ مِنَ الْحَمْلِ ، وَزَرْتُهُ حَمَلْتُهُ ، وَأَوْزَارُ الْحَرْبِ أَثْقَالُهَا مِنَ السِّلَاحِ ، وَمِنْهُ الْوَزِيرُ; لِأَنَّهُ يَحْمِلُ عَنِ السُّلْطَانِ أَثْقَالَ مَا يُسْنَدُ إِلَيْهِ مِنْ تَدْبِيرِ مُلْكِهِ . اللَّهْوُ : صَرْفُ النَّفْسِ عَنِ الْجِدِّ إِلَى الْهَزْلِ ، يُقَالُ مِنْهُ لَهَا يَلْهُو ، وَلُهِيَ عَنْ كَذَا ، صَرَفَ نَفْسَهُ عَنْهُ ، وَالْمَادَّةُ وَاحِدَةٌ ، انْقَلَبَتِ الْوَاوُ يَاءً; لِكَسْرِ مَا قَبْلَهَا ، نَحْوَ شَقِيٌّ وَرَضِيٌ . قَالَ
الْمَهْدَوِيُّ : الَّذِي مَعْنَاهُ الصَّرْفُ ، لَامُهُ يَاءٌ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ لَهَيَانِ ، وَلَامُ الْأَوَّلِ وَاوٌ انْتَهَى . وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ; لِأَنَّ الْوَاوَ فِي التَّثْنِيَةِ انْقَلَبَتْ يَاءً ، وَلَيْسَ أَصْلُهَا الْيَاءَ ، أَلَا تَرَى إِلَى تَثْنِيَةِ شَجٍ شَجِيَانِ وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ ، مِنَ الشَّجْوِ ؟
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) لَمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ تَعَالَى اخْتَرَعَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ، وَأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا تَضَمَّنَهُ الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ ، أَمَرَ تَعَالَى نَبِيَّهُ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْبِيخِ لَهُمْ; أَيْ مَنْ هَذِهِ صِفَاتُهُ هُوَ الَّذِي يُتَّخَذُ وَلِيًّا وَنَاصِرًا وَمُعِينًا ، لَا الْآلِهَةُ الَّتِي لَكُمْ ، إِذْ هِيَ لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ; لِأَنَّهَا بَيْنَ جَمَادٍ أَوْ حَيَوَانٍ مَقْهُورٍ ، وَدَخَلَتْ هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى الِاسْمِ دُونَ الْفِعْلِ; لِأَنَّ الْإِنْكَارَ فِي اتِّخَاذِ غَيْرِ اللَّهِ وَلِيًّا ، لَا فِي اتِّخَاذِ الْوَلِيِّ ، كَقَوْلِكَ لِمَنْ ضَرَبَ زَيْدًا ، وَهُوَ مِمَّنْ لَا يَسْتَحِقُّ الضَّرْبَ ، بَلْ يَسْتَحِقُّ الْإِكْرَامَ ، أَزَيْدًا ضَرَبْتَ ، تُنْكِرُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مِثْلُ هَذَا يُضْرَبُ ، وَنَحْوُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=64أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ ) ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=59آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ ) . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ : وَغَيْرُهُ أُمِرَ أَنْ يَقُولَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ لِلْكَفَرَةِ الَّذِينَ دَعَوْهُ إِلَى عِبَادَةِ أَوْثَانِهِمْ ، فَتَجِيءُ الْآيَةُ عَلَى هَذَا جَوَابًا لِكَلَامِهِمُ انْتَهَى . وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى سَنَدٍ فِي أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ ، هُوَ مَا ذَكَرَهُ وَانْتِصَابُ غَيْرِ عَلَى أَنَّهَا مَفْعُولٌ أَوَّلٌ لِـ ( اتَّخَذَ ) . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14فَاطِرِ ) ، فَوَجَّهَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيُّ ، وَنَقَلَهَا
الْحَوْفِيُّ عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِلَّهِ ، وَخَرَّجَهُ
أَبُو الْبَقَاءِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ ، وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ الْفَصْلَ بَيْنَ الْمُبَدَلِ مِنْهُ وَالْبَدَلِ ، أَسْهَلُ مِنَ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمَنْعُوتِ وَالنَّعْتِ ، إِذِ الْبَدَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ ، هُوَ عَلَى تَكْرَارُ الْعَامِلِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ ، بِرَفْعِ الرَّاءِ ، عَلَى إِضْمَارِ ( هُوَ ) . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : أَوْ عَلَى الِابْتِدَاءِ انْتَهَى . وَيُحْتَاجُ إِلَى إِضْمَارِ خَبَرٍ ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى حَذْفِهِ . وَقُرِئَ شَاذًّا ، بِنَصْبِ الرَّاءِ ، وَخَرَّجَهُ
أَبُو الْبَقَاءِ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِوَلِيٍّ ، عَلَى إِرَادَةِ التَّنْوِينِ ، أَوْ بَدَلٌ مِنْهُ ، أَوْ حَالٌ ، وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا أَأَجْعَلُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) غَيْرَ اللَّهِ ؟ انْتَهَى . وَالْأَحْسَنُ نَصْبُهُ عَلَى الْمَدْحِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ ( فَطَرَ ) ، جَعَلَهُ فِعْلًا مَاضِيًا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ) أَيْ يَرْزُقُ ، وَلَا يُرْزَقُ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=57مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَنَافِعَ كُلَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ . وَخُصَّ الْإِطْعَامُ مِنْ بَيْنِ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعَاتِ ، لِمَسِّ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ ، كَمَا خُصَّ الرِّبَا بِالْأَكْلِ ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ الِانْتِفَاعَ بِالرِّبَا . وَقَرَأَ
مُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَأَبُو حَيْوَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16711وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ وَأَبُو عَمْرٍو ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14وَلَا [ ص: 86 ] يُطْعَمُ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنِ الْأَكْلِ ، وَلَا يُشْبِهُ الْمَخْلُوقِينَ . وَقَرَأَ
يَمَانُ الْعَمَّانِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ ( وَلَا يُطْعِمُ ) ، بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ مِثْلُ الْأَوَّلِ ، فَالضَّمِيرُ فِي ( وَهُوَ يُطْعِمُ ) عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ ، وَفِي ( وَلَا يُطْعِمُ ) عَائِدٌ عَلَى الْوَلِيِّ . وَرَوَى
ابْنُ الْمَأْمُونِ عَنْ
يَعْقُوبَ ( وَهُوَ يُطْعَمُ وَلَا يُطْعِمُ ) عَلَى بِنَاءِ الْأَوَّلِ لِلْمَفْعُولِ ، وَالثَّانِي لِلْفَاعِلِ ، وَالضَّمِيرُ لِغَيْرِ اللَّهِ . وَقَرَأَ
الْأَشْهَبُ : ( وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعِمُ ) عَلَى بِنَائِهِمَا لِلْفَاعِلِ ، وَفُسِّرَ بِأَنَّ مَعْنَاهُ ، وَهُوَ يُطْعِمُ ، وَلَا يَسْتَطْعِمُ ، وَحَكَى
الْأَزْهَرِيُّ أَطْعَمْتُ بِمَعْنَى اسْتَطْعَمْتُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى; وَهُوَ يُطْعِمُ تَارَةً ، وَلَا يُطْعِمُ أُخْرَى ، عَلَى حَسَبِ الْمَصَالِحِ ، كَقَوْلِكَ : هُوَ يُعْطِي ، وَيَمْنَعُ ، وَيَبْسُطُ ، وَيَقْدِرُ ، وَيُغْنِي ، وَيُفْقِرُ . وَفِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ بِاخْتِلَافِ الْفِعْلَيْنِ تَجْنِيسُ التَّشْكِيلِ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّكْلُ فَرْقًا بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ ، وَسَمَّاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13573أُسَامَةُ بْنُ مُنْقِذٍ فِي بَدِيعَتِهِ; تَجْنِيسَ التَّحْرِيفِ ، وَهُوَ بِتَجْنِيسِ التَّشْكِيلِ أَوْلَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=28977قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ) . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : لِأَنَّ النَّبِيَّ سَابِقُ أُمَّتِهِ فِي الْإِسْلَامِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=163وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) ، وَكَقَوْلِ
مُوسَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ) . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : الْمَعْنَى; أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَبِهَذِهِ الشَّرِيعَةِ ، وَلَا يَتَضَمَّنُ مِنَ الْكَلَامِ إِلَّا ذَلِكَ ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ ، هُوَ قَوْلُ
الْحَسَنِ . قَالَ
الْحَسَنُ : مَعْنَاهُ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أُمَّتِي . قِيلَ : وَفِي هَذَا الْقَوْلِ نَظَرٌ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ امْتِنَاعٌ عَنِ الْحَقِّ ، وَعَدَمُ انْقِيَادٍ إِلَيْهِ ، وَإِنَّمَا هَذَا عَلَى طَرِيقِ التَّعْرِيضِ عَلَى الْإِسْلَامِ ، كَمَا يَأْمُرُ الْمَلِكُ رَعِيَّتَهُ بِأَمْرٍ ، ثُمَّ يُتْبِعُهُ بِقَوْلِهِ : أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ; لِيَحْمِلَهُمْ عَلَى فِعْلِ ذَلِكَ . وَقِيلَ : أَرَادَ الْأَوَّلِيَّةَ فِي الرُّتْبَةِ ، وَالْفَضِيلَةَ ، كَمَا جَاءَ نَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ ، وَفِي رِوَايَةٍ السَّابِقُونَ . وَقِيلَ : ( أَسْلَمَ ) أَخْلَصَ ، وَلَمْ يَعْدِلْ بِاللَّهِ شَيْئًا . وَقِيلَ : اسْتَسْلَمَ . وَقِيلَ : أَرَادَ دُخُولَهُ فِي دِينِ
إِبْرَاهِيمَ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=78مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ ) . وَقِيلَ : أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ يَوْمَ الْمِيثَاقِ ، فَيَكُونُ سَابِقًا عَلَى الْخَلْقِ كُلِّهِمْ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=7وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) أَيْ ، وَقِيلَ : لِي ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ أُمِرَ بِالْإِسْلَامِ ، وَنُهِيَ عَنِ الشِّرْكِ ، هَكَذَا خَرَّجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ ، عَلَى إِضْمَارِ وَقِيلَ : لِي; لِأَنَّهُ لَا يَنْتَظِمُ عَطْفُهُ عَلَى لَفْظِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ) فَيَكُونُ مُنْدَرِجًا تَحْتَ لَفْظِ ( قُلْ ) ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ ، لَكَانَ التَّرْكِيبُ ، وَلَا أَكُونُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . وَقِيلَ : هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْمُولِ ( قُلْ ) حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى ، وَالْمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14قُلْ إِنِّي ) قِيلَ : لِي كُنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=14أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ، فَهُمَا جَمِيعًا مَحْمُولَانِ عَلَى الْقَوْلِ ، لَكِنْ أَتَى الْأَوَّلُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْقَوْلِ ، وَفِيهِ مَعْنَاهُ ، فَحُمِلُ الثَّانِي عَلَى الْمَعْنَى . وَقِيلَ : هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى ( قُلْ ) أُمِرَ بِأَنْ يَقُولَ كَذَا ، وَنُهِيَ عَنْ كَذَا . وَقِيلَ : هُوَ نَهْيٌ عَنْ مُوَالَاةِ الْمُشْرِكِينَ . وَقِيلَ : الْخِطَابُ لَهُ لَفْظًا ، وَالْمُرَادُ أُمَّتُهُ ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ; لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=65لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ) ، وَالْعِصْمَةُ تُنَافِي إِمْكَانَ الشِّرْكِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=28977قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) . الظَّاهِرُ أَنَّ الْخَوْفَ هُنَا عَلَى بَابِهِ ، وَهُوَ تَوَقُّعُ الْمَكْرُوهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : مَعْنَى ( أَخَافُ ) أَعْلَمُ . وَ ( عَصَيْتُ ) عَامَّةٌ فِي أَنْوَاعِ الْمَعَاصِي ، وَلَكِنَّهَا هُنَا إِنَّمَا تُشِيرُ إِلَى الشِّرْكِ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ ، قَالَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ . وَالْخَوْفُ لَيْسَ بِحَاصِلٍ لِعِصْمَتِهِ ، بَلْ هُوَ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ ، هُوَ مُمْتَنِعٌ فِي حَقِّهِ ، وَجَوَابُهُ مَحْذُوفٌ ، وَلِذَلِكَ جَاءَ بِصِيغَةِ الْمَاضِي ، فَقِيلَ : هُوَ شَرْطٌ مُعْتَرِضٌ ، لَا مَوْضِعَ لَهُ مِنَ الْإِعْرَابِ ، كَالِاعْتِرَاضِ بِالْقَسَمِ . وَقِيلَ : هُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : إِنِّي أَخَافُ عَاصِيًا رَبِّي . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : مِثَالُ الْآيَةِ ، إِنْ كَانَتِ الْخَمْسَةُ زَوْجًا ، كَانَتْ مُنْقَسِمَةً مُتَسَاوِيَتَيْنِ; يَعْنِي أَنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى مُسْتَحِيلٍ . وَالْيَوْمُ الْعَظِيمُ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=16مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ ) . قَرَأَ
حَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ( مَنْ يَصْرِفْ ) مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، فَـ ( مَنْ ) مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ ، وَالضَّمِيرُ فِي ( يَصْرِفْ ) عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ ، وَيُؤَيِّدُهُ قِرَاءَةُ
أُبَيٍّ ( مَنْ يَصْرِفِ اللَّهُ ) ، وَفِي ( عَنْهُ ) عَائِدٌ عَلَى الْعَذَابِ ، وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَكِنُّ
[ ص: 87 ] فِي ( رَحِمَهُ ) عَائِدٌ عَلَى الرَّبِّ; أَيْ أَيَّ شَخْصٍ يَصْرِفِ اللَّهُ عَنْهُ الْعَذَابَ ، فَقَدْ رَحِمَهُ الرَّحْمَةَ الْعُظْمَى ، وَهِيَ النَّجَاةُ مِنَ الْعَذَابِ ، وَإِذَا نُجِّيَ مِنَ الْعَذَابِ ، دَخَلَ الْجَنَّةَ . وَيَجُوزُ أَنْ يُعْرَبَ ( مَنْ ) مُبْتَدَأً . وَالضَّمِيرُ فِي ( عَنْهُ ) عَائِدٌ عَلَيْهِ ، وَمَفْعُولُ ( يَصْرِفْ ) مَحْذُوفٌ اخْتِصَارًا ، إِذْ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ قَبْلَ التَّقْدِيرِ; أَيُّ شَخْصٍ يَصْرِفِ اللَّهُ الْعَذَابَ عَنْهُ ، فَقَدْ رَحِمَهُ ، وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الِاشْتِغَالِ ، فَيَكُونُ ( مَنْ ) مَنْصُوبًا بِإِضْمَارِ فِعْلٍ ، يُفَسِّرُهُ مَعْنَى ( يَصْرِفْ ) ، وَيَجُوزُ عَلَى إِعْرَابِ ( مَنْ ) مُبْتَدَأً ، أَنْ يَكُونَ الْمَفْعُولُ مَذْكُورًا ، وَهُوَ ( يَوْمَئِذٍ ) ، عَلَى حَذْفٍ أَيْ هَوْلَ يَوْمِئِذٍ ، فَيَنْتَصِبُ ( يَوْمَئِذٍ ) انْتِصَابَ الْمَفْعُولِ بِهِ . وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=16مَنْ يُصْرَفْ ) مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّارِفَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ ، أَوْ لِلْإِيجَازِ ، إِذْ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الرَّبِّ ، وَيَجُوزُ فِي هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي ( يُصْرَفْ ) عَائِدًا عَلَى ( مَنْ ) ، وَفِي ( عَنْهُ ) عَائِدًا عَلَى الْعَذَابِ; أَيْ أَيُّ شَخْصٍ يُصْرَفْ عَنِ الْعَذَابِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى ( مَنْ ) ، وَمَفْعُولُ ( يُصْرَفْ ) ( يَوْمَئِذٍ ) ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ لِإِضَافَتِهِ إِلَى ( إِذْ ) ، فَهُوَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِـ ( يُصْرَفْ ) . وَالتَّنْوِينُ فِي ( يَوْمَئِذٍ ) تَنْوِينُ عِوَضٍ مِنْ جُمْلَةٍ مَحْذُوفَةٍ ، يَتَضَمَّنُهَا الْكَلَامُ السَّابِقُ ، التَّقْدِيرُ يَوْمَ إِذْ يَكُونُ الْجَزَاءُ ، إِذْ لَمْ يَتَقَدَّمْ جُمْلَةٌ مُصَرَّحٌ بِهَا ، يَكُونُ التَّنْوِينُ عِوَضًا عَنْهَا ، وَتَكَلَّمَ الْمُعْرِبُونَ فِي التَّرْجِيحِ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ عَلَى عَادَتِهِمْ ، فَاخْتَارَ
أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ . وَأَشَارَ
أَبُو عَلِيٍّ إِلَى تَحْسِينِهِ قِرَاءَةَ ( يَصْرِفْ ) مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ; لِتُنَاسِبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=16فَقَدْ رَحِمَهُ ) ، وَلَمْ يَأْتِ ( فَقَدْ رُحِمَ ) ، وَيُؤَيِّدُهُ قِرَاءَةُ
عَبْدِ اللَّهِ ،
وَأُبَيٍّ ( مَنْ يَصْرِفِ اللَّهُ ) . وَرَجَّحَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ قِرَاءَةَ ( يُصْرَفْ ) مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، قَالَ : لِأَنَّهَا أَقَلُّ إِضْمَارًا . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَأَمَا
nindex.php?page=showalam&ids=17141مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَتَخَبَّطَ فِي كِتَابِ الْهِدَايَةِ فِي تَرْجِيحِ الْقِرَاءَةِ بِفَتْحِ الْيَاءِ ، وَمَثَّلَ فِي احْتِجَاجِهِ بِأَمْثِلَةٍ فَاسِدَةٍ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذَا تَوْجِيهٌ لَفْظِيٌّ ، يُشِيرُ إِلَى التَّرْجِيحِ تَعَلُّقُهُ خَفِيفٌ ، وَأَمَّا الْمَعْنَى; فَالْقِرَاءَتَانِ وَاحِدٌ انْتَهَى . وَقَدْ تَقَدَّمَ لَنَا غَيْرَ مُرَّةٍ ، أَنَّا لَا نُرَجِّحُ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ الْمُتَوَاتِرَتَيْنِ . وَحَكَى
أَبُو عَمْرٍو الزَّاهِدُ فِي كِتَابِ الْيَوَاقِيتِ; أَنَّ
أَبَا الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنَ يَحْيَى ثَعْلَبًا ، كَانَ لَا يَرَى التَّرْجِيحَ بَيْنَ الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ . وَقَالَ : قَالَ
ثَعْلَبٌ مِنْ كَلَامِ نَفْسِهِ ، إِذَا اخْتَلَفَ الْإِعْرَابُ فِي الْقُرْآنِ عَنِ السَّبْعَةِ ، لَمْ أُفَضِّلْ إِعْرَابًا عَلَى إِعْرَابٍ فِي الْقُرْآنِ ، فَإِذَا خَرَجْتُ إِلَى الْكَلَامِ ، كَلَامِ النَّاسِ ، فَضَّلْتُ الْأَقْوَى ، وَنِعْمَ السَّلَفُ لَنَا
أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ، كَانَ عَالِمًا بِالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ ، مُتَدَيِّنًا ثِقَةً .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=16وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ) الْإِشَارَةُ بِـ ( ذَلِكَ ) إِلَى الْمَصْدَرِ الْمَفْهُومِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=16مَنْ يُصْرَفْ ) أَيْ وَذَلِكَ الصَّرْفُ هُوَ الظَّفَرُ ، وَالنَّجَاةُ مِنَ الْهَلَكَةِ . وَ ( الْمُبِينُ ) الْبَيِّنُ فِي نَفْسِهِ ، أَوِ الْمُبَيِّنُ غَيْرَهُ .