ليبك يزيد ضارع لخصومة ومختبط مما تطيح الطوائح
أي ذليل ضعيف . صدف عن الشيء أعرض عنه صدفا وصدوفا وصادفته; لقيته عن إعراض عن جهته; قال ابن الرقاع :إذا ذكرن حديثا قلن أحسنه وهن عن كل سوء يتقى صدف
وزادها عجبا أن رحت في سمك وما درت دوران الدر في الصدف
إذا المرء لم يخزن عليه لسانه فليس على شيء سواه بخزان
( إنما يستجيب الذين يسمعون ) إنما يستجيب للإيمان الذين يسمعون سماع قبول وإصغاء ، كما قال : ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) . ويستجيب بمعنى يجيب . وفرق الرماني بين ( أجاب ) و ( استجاب ) بأن ( استجاب ) فيه قبول لما دعي إليه . قال : ( فاستجاب لهم ربهم ) ، ( فاستجبنا له ونجيناه من الغم ) ، وليس كذلك ( أجاب ) ; لأنه قد يجيب بالمخالفة . قال : يعني أن الذين تحرص على أن يصدقوك ، بمنزلة الموتى الذين لا يسمعون ، وإنما يستجيب من يسمع ، كقوله : ( الزمخشري إنك لا تسمع الموتى ) . وقال ابن عطية : هذا من النمط المتقدم في التسلية; أي لا تحفل بمن أعرض ، فإنما يستجيب لداعي الإيمان الذين يفهمون الآيات ، ويتلقون البراهين بالقبول ، فعبر عن ذلك كله بيسمعون ، إذ هو طريق العلم بالنبوة والآيات المعجزة . وهذه لفظة تستعملها الصوفية إذا بلغت الموعظة من أحد مبلغا شافيا ، قالوا : استمع ( والموتى يبعثهم الله ) الظاهر أن هذه جملة مستقلة من مبتدأ وخبر . والظاهر أن الموت هنا والبعث حقيقة ، وذلك إخبار من الله تعالى أن الموتى على العموم من مستجيب وغير مستجيب ، يبعثهم الله فيجازيهم على أعمالهم ، وجاء لفظ الموتى عاما لإشعار ما قبله بالعموم في قوله : ( إنما يستجيب الذين يسمعون ) ، إذ الحصر يشعر بالقسم الآخر ، وهو أن من لا يسمع سماع قبول ، لا يستجيب للإيمان ، وهم الكفار . وصار في الإخبار عن الجميع بالبعث والرجوع إلى جزاء الله تعالى تهديد ووعيد شديد لمن لم يستجب . وتظافرت أقوال المفسرين أن قوله والموتى; يراد به الكفار . سموا بالموتى كما سموا بالصم والبكم والعمي [ ص: 118 ] وتشبيه الكافر بالميت من حيث إن الميت جسده خال عن الروح ، فيظهر منه النتن والصديد والقيح ، وأنواع العفونات . وأصلح أحواله دفنه تحت التراب . والكافر روحه خالية عن العقل ، فيظهر منه جهله بالله تعالى ، ومخالفاته لأمره ، وعدم قبوله لمعجزات الرسل . وإذا كانت روحه خالية من العقل كان مجنونا ، فأحسن أحواله أن يقيد ويحبس . فالعقل بالنسبة إلى الروح كالروح بالنسبة إلى الجسد . وإذا كان المراد بالموتى هنا الكفار ، فقيل : البعث يراد به حقيقته من الحشر يوم القيامة . والرجوع هو رجوعهم إلى سطوته وعقابه ، قاله مجاهد وقتادة . وعلى هذا تكون هذه الجملة متضمنة الوعيد للكفار . وقيل : الموت والبعث حقيقة ، والجملة مثل لقدرته على إلجائهم إلى الاستجابة بأنه هو الذي يبعث الموتى من القبور يوم القيامة ( ثم إليه يرجعون ) للجزاء ، فكان قادرا على هؤلاء الموتى بالكفر أن يحييهم بالإيمان ، وأنت لا تقدر على ذلك ، قاله . وقيل : الموت والبعث مجازان ، استعير الموت للكفر ، والبعث للإيمان . فقيل : الجملة من قوله : والموتى يبعثهم الله مبتدأ وخبر أي والموتى بالكفر يحييهم الله بالإيمان . وقيل : ليس جملة ، بل الموتى معطوف على الذين يسمعون ، ويبعثهم الله جملة حالية . والمعنى إنما يستجيب الذين يسمعون سماع قبول ، فيؤمنون بأول وهلة ، والكفار حتى يرشدهم الله تعالى ، ويوفقهم للإيمان ، فلا تتأسف أنت ، ولا تستعجل ما لم يقدر . وقرئ ، ثم إليه يرجعون ، بفتح الياء من ( رجع ) اللازم . الزمخشري