( وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين ) الكاف للتشبيه و ( ذلك ) إشارة إلى التفصيل الواقع في هذه السورة ، أي ومثل ذلك التفصيل البين نفصل آيات القرآن ونلخصها في صفة أحوال المجرمين : من هو مطبوع على قلبه لا يرجى إسلامه ، ومن ترى فيه أمارة القبول وهو الذي يخاف إذا سمع ذكر القيامة ، ومن دخل في الإسلام إلا أنه لا يحفظ حدوده . وقيل : المعنى : كما فصلنا في هذه السورة دليل صحة التوحيد والنبوة والقضاء والقدر نفصل لك دليلنا وحججنا في تقرير كل حق ينكره أهل الباطل . وقيل : إشارة إلى التفصيل للأمم السابقة ، ومثل ذلك التفصيل لمن كان قبلكم نفصل لكم . وقال التبريزي : معناه : كما بينا للشاكرين والكافرين . وقال ابن قتيبة : تفصيلها : إتيانها متفرقة شيئا بعد شيء . وقال تاج القراء : الفصل : بون ما بين الشيئين ، والتفصيل : التبيين بين المعاني الملتبسة . وقال ابن عطية : والإشارة بقوله : ( وكذلك ) إلى ما تقدم من النهي عن طرد المؤمنين وبيان فساد منزع المعارضين لذلك ، وتفصيل الآيات : تبيينها وشرحها وإظهارها . انتهى . واستبان يكون لازما ومتعديا ، وتميم وأهل نجد يذكرون السبيل ، وأهل الحجاز يؤنثونها . وقرأ العربيان وابن كثير وحفص : ( ولتستبين ) بالتاء ( سبيل ) بالرفع . وقرأ الأخوان وأبو بكر : ( وليستبين ) بالياء ( سبيل ) بالرفع ، فاستبان هنا لازمة ، أي : ولتظهر سبيل المجرمين . وقرأ نافع : ( ولتستبين ) بتاء الخطاب ( سبيل ) بالنصب ، فاستبان هنا متعدية . فقيل : هو خطاب للرسول ، صلى الله عليه وسلم . وقيل : له ظاهرا ، والمراد أمته لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان استبانها . وخص سبيل المجرمين لأنه يلزم من استبانتها استبانة سبيل المؤمنين ، أو يكون على حذف معطوف لدلالة المعنى عليه ، التقدير : سبيل المجرمين والمؤمنين . وقيل : خص سبيل المجرمين لأنهم الذين أثاروا ما تقدم من الأقوال ، وهم أهم في هذا الموضع لأنها آيات رد عليهم ، وظاهر ( المجرمين ) العموم ، وتأوله ابن زيد على أنه عنى بالمجرمين الآمرين بطرد الضعفة ، واللام في ( لتستبين ) متعلقة بفعل متأخر أي : ولتستبين سبيل المجرمين فصلناها لكم ، أو قبلها علة محذوفة وهو قول [ ص: 142 ] الكوفيين ، التقدير : لنبين لكم ولتستبين . وقال : لتستوضح سبيلهم فتعامل كلا منهم بما يجب أن يعامل به فصلنا ذلك التفصيل . الزمخشري