( وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ) قال الضحاك : وما تطعن علينا ، وقال غيره : وما تكره منا ، وقال : وما تعيب منا ، وقال الزمخشري ابن عطية : وما تعد علينا ذنبا وتؤاخذنا به وعلى هذه التأويلات يكون قوله : ( إلا أن آمنا ) في موضع المفعول ويكون من الاستثناء المفرغ من المفعول ، وجاء هذا التركيب في القرآن كقوله : ( قل ياأهل الكتاب هل تنقمون منا ) ( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا ) ، وهذا الفعل في لسان العرب يتعدى بعلى تقول نقمت على الرجل أنقم إذا غلب عليه ، والذي يظهر من تعديته بمن أن المعنى وما تنقم منا ، أي : ما تنال منا كقوله : فينتقم الله منه ، أي : يناله بمكروه ، ويكون فعل وافتعل فيه بمعنى واحد ، كقدر واقتدر ، وعلى هذا يكون قوله : ( إلا أن آمنا ) مفعولا من أجله ، واستثناء مفرغا ، أي : ما تنال منا وتعذبنا لشيء من الأشياء إلا لأن آمنا بآيات ربنا وعلى هذا المعنى يدل تفسير عطاء ، قال عطاء : أي : ما لنا عندك ذنب تعذبنا عليه إلا أنا آمنا ، والآيات المعجزات التي أتى بها موسى - عليه السلام - ومن جعل لما ظرفا جعل العامل فيها ( أن آمنا ) ومن جعلها حرفا جعل جوابها محذوفا لدلالة ما قبله عليه ، أي : لما جاءتنا آمنا ، وفي كلامهم هذا تكذيب لفرعون في ادعائه الربوبية ، وانسلاخ منهم عن اعتقادهم ذلك فيه والإيمان بالله هو أصل المفاخر والمناقب ، وهذا الاستثناء شبيه بقوله :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب
وقرأ الحسن ، وأبو حيوة ، وأبو اليسر هاشم ، ( وما تنقم ) بفتح القاف مضارع نقم بكسرها ، وهما لغتان والأفصح قراءة الجمهور . وابن أبي عبلة