( قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا ) ، أي : بابتلائنا بذبح أبنائنا مخافة ما كان يتوقع فرعون من هلاك ملكه على يد المولود الذي يولد منا ( من قبل أن تأتينا ) ، قال : من قبل مولد الزمخشري موسى إلى أن استنبأ ( ومن بعد ما جئتنا ) إعادة ذلك عليهم . قاله وزاد ابن عباس : وما كانوا يستعبدون ويمتهنون فيه من أنواع الخدم والمهن ويمسون به من العذاب . انتهى . وقال الزمخشري ابن عطية : والذي من بعد مجيئه يعنون به وعيد فرعون وسائر ما كان خلال تلك المدة من الإخافة لهم ، وقال الحسن : بأخذ الجزية منهم قبل بعث موسى إليهم وبعد بعثه ما زاد على ذلك ، وقال الكلبي : كانوا يضربون له اللبن ويعطيهم التبن ، فلما جاء موسى غرمهم التبن ، وكان النساء يغزلن له الكتان وينسجنه ، وقال جرير : استسخرهم من قبل إتيان موسى في أول النهار إلى نصف النهار فلما جاء موسى استسخرهم النهار كله بلا طعام ولا شراب ، وقال علي بن عيسى من قبل بالاستعباد وقتل الأولاد ومن بعد بالتهديد والإبعاد ، وروي مثله عن عكرمة ، وقيل : من قبل أن تأتينا بعهد الله بالخلاص ( ومن بعد ما جئتنا ) به قالوه في معرض الشكوى من فرعون واستعانة عليه بموسى ، وقال ، ابن عباس والسدي : قالوا ذلك حين اتبعهم واضطرهم إلى البحر فضاقت صدورهم ورأوا بحرا أمامهم وعدوا كثيفا وراءهم لما أسرى بهم موسى حتى هجموا على البحر التفتوا فإذا هم برهج دواب فرعون ، فقالوا هذه المقالة وقالوا هذا البحر أمامنا ، وهذا فرعون وراءنا قد رهقنا بمن معه . انتهى . وهذا القول فيه بعد ، وسياق الآيات يدل على الترتيب ، وقد جاء بعد هذه ( ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ) ، قال ابن عطية : وهو كلام يجري على المعهود من بني إسرائيل من اضطرابهم على أنبيائهم وقلة يقينهم وصبرهم على الدين . انتهى . قيل : ولا يدل قولهم ذلك على كراهة مجيء موسى ؛ لأن ذلك يؤدي إلى الكفر وإنما قالوه ؛ لأنه كان وعدهم بزوال المضار ، فظنوا أنها نزول على الفور ، فقولهم ذلك استعطاف لا نفرة .