الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون ) قال ابن عباس : ( طائرهم ) ما يصيبهم ، أي : ما طار لهم في القدر مما هم لاقوه ، وهو مأخوذ من زجر الطير ، سمي ما عند الله من القدر للإنسان طائرا لما كان يعتقد أن كل ما يصيبه إنما هو بحسب ما يراه في الطائر فهي لفظة مستعارة . قاله ابن عطية ، وقال الزمخشري : أي : سبب خيرهم وشرهم عند الله تعالى وهو حكمه ومشيئته ، والله تعالى هو الذي يشاء ما يصيبهم من الحسنة والسيئة ، وليس شؤم أحدهم ولا يمنه بسبب فيه ، كقوله تعالى : ( قل كل من عند الله ) ويجوز أن يكون معناه : ألا إنما سبب شؤمهم عند الله وهو عملهم المكتوب عنده يجري عليهم ما يسوءهم لأجله ويعاقبون له بعد موتهم بما وعدهم الله تعالى في قوله : ( النار يعرضون عليها ) الآية ولا طائر أشأم من هذا ، وقرأ الحسن ألا إنما طيرهم وحكم بنفي العلم عن أكثرهم ؛ لأن القليل منهم علم كمؤمن آل فرعون وآسية امرأة فرعون ، وقال ابن عطية : ويحتمل أن كون الضمير في طائرهم لضمير العالم ، ويجيء تخصيص الأكثر على ظاهره ، ويحتمل أن يريد و ( ولكن أكثرهم ) ليس قريبا أن يعلم لانغمارهم في الجهل وعلى هذا فيهم قليل معد لأن يعلم لو وفقه الله . انتهى . وهما احتمالان بعيدان وأبعد منه قوله : وإما أن يراد الجمع وتجوز في العبارة .

التالي السابق


الخدمات العلمية