( والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون ) ذكر تعالى ما يئول إليه في الآخرة أمر المكذبين ، فذكر أنه يحبط أعمالهم ، أي : لا يعبأ بها ، وأصل الحبط أن يكون فيما تقدم صلاحه ، فاستعمل الحبوط هنا إذا كانت أعمالهم في معتقداتهم جارية على طريق صالح ، فكان الحبط فيها بحسب معتقداتهم ; إذ المكذب بالآيات قد يكون له عمل فيه إحسان للناس وصفح وعفو عمن جنى عليه ، وكل ذلك لا يجازى عليه في الآخرة ، فشمل حبط الأعمال من له عمل بر ومن عمله من أول مرة فاسد ، ونبه بلقاء الآخرة على محل افتضاحهم وجزائهم ، وتهديدا لهم ووعيدا بها ، وأنها كائنة لا محالة ، وإضافة : لقاء ) إلى : الآخرة ) إضافة المصدر إلى المفعول ، أي : ولقائهم الآخرة . قال : ويجوز أن يكون من إضافة المصدر إلى المفعول به ، أي : ولقائهم الآخرة ومشاهدتهم أحوالها ، ومن إضافة المصدر إلى الظرف ، بمعنى ولقاء ما وعد الله تعالى في الآخرة ، انتهى ، ويجيز جلة النحويين الإضافة إلى الظرف ; لأن الظرف هو على تقدير في ، والإضافة عندهم إنما هي على تقدير اللام ، أو تقدير من ، على ما بين في علم النحو ، فإن اتسع في العامل جاز أن ينصب الظرف نصب المفعول به ، وجاز إذ ذاك أن يضاف مصدره إلى ذلك الظرف المتسع في عامله ، وأجاز بعض النحويين أن تكون الإضافة على تقدير في ، كما يفهمه ظاهر كلام الزمخشري ، وهو مذهب مردود في علم النحو ، و : الزمخشري هل يجزون استفهام بمعنى التقرير ، أي : يستوجبون بسوء فعلهم العقوبة ، قال ابن عطية : والظاهر أنه استفهام بمعنى النفي ، ولذلك دخلت : ( إلا ) والاستفهام الذي هو بمعنى التقرير هو موجب من حيث المعنى ، فيبعد دخول إلا ، ولعله لا يجوز .