وإن حراما أن أسب مجاشعا بآبائي الشم الكرام الخضارم
وهذا توجيه لهذه القراءة سهل ، واختلف النقل عن الجحدري ، فنقل عنه صاحب كتاب اللوامح في شواذ القراءات : إن ولي ، بياء مكسورة مشددة وحذفت ياء المتكلم لما سكنت التقى ساكنان فحذفت ، كما تقول : إن صاحبي الرجل الذي تعلم ، ونقل عنه : إن ولي الله ، بياء واحدة منصوبة مضافة إلى الله ، وذكرها أبو عمرو الداني الأخفش وأبو حاتم غير منصوبة وضعفها أبو حاتم ، وخرج الأخفش وغيره هذه القراءة على أن يكون المراد جبريل ، قال الأخفش : فيصير الذي نزل الكتاب من صفة جبريل بدلالة قل نزله روح القدس ، وفي قراءة العامة من صفة الله تعالى ، انتهى ، يعني أن يكون خبر إن هو قوله : الذي نزل الكتاب ، قال الأخفش : فأما وهو يتولى الصالحين فلا يكون إلا من الإخبار عن الله تعالى ، وتفسير هذه القراءة بأن المراد بها جبريل وإن احتملها لفظ الآية لا يناسب ما قبل هذه الآية ولا ما بعدها ، ويحتمل وجهين من الإعراب ولا يكون المعنى جبريل ، أحدهما : أن يكون وليي الله اسم إن ، والذي نزل الكتاب هو الخبر على تقدير حذف الضمير العائد على الموصول ، والموصول هو النبي صلى الله عليه وسلم ، والتقدير : أن ولي الله الشخص الذي نزل الكتاب عليه ، فحذف عليه وإن لم يكن فيه شرط جواز الحذف المقيس لكنه قد جاء نظيره في كلام العرب . قال الشاعر :
وإن لساني شهدة يشتفى بها وهو على من صبه الله علقم
التقدير : وهو على من صبه الله عليه علقم . وقال الآخر :
فأصبح من أسماء قيس كقابض على الماء لا يدري بما هو قابض
التقدير بما هو قابض عليه ، وقال الآخر :
لعل الذي أصعدتني أن يردني إلى الأرض إن لم يقدر الخير قادره
يريد أصعدتني به . وقال الآخر :
فأبلغن خالد بن نضلة والمرء معني بلوم من يثق
[ ص: 447 ] يريد يثق به . وقال الآخر :
ومن حسد يجور علي قومي وأي الدهر ذر لم يحسدوني
يريد لم يحسدوني فيه . وقال الآخر :
فقلت لها لا والذي حج حاتم أخونك عهدا إنني غير خوان
قالوا : يريد حج حاتم إليه ، فهذه نظائر من كلام العرب يمكن حمل هذه القراءة الشاذة عليها ، والوجه الثاني : أن يكون خبر إن محذوفا لدلالة ما بعده عليه ، التقدير : إن ولي الله الذي نزل الكتاب من هو صالح أو الصالح ، وحذف لدلالة وهو يتولى الصالحين عليه ، وحذف خبر إن وأخواتها لفهم المعنى جائز ، ومنه قوله تعالى : إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز الآية ، وقوله : إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الآية ، وسيأتي تقدير حذف الخبر فيهما إن شاء الله .