الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فلو قال : له علي أكثر مما لزيد علي ثم بين درهما واحدا ، أو أقل قبل منه ؛ لأن له أن يقول : ليس لزيد علي إلا هذا القدر فلو شهد عليه شاهدان أن لزيد عليه ألف درهم وكان قد بين إقراره بدرهم قبل منه .

                                                                                                                                            قال الشافعي - رضي الله عنه - : لأنه قد يكذب الشهود فلو قال : له علي أكثر مما لزيد علي ثم بينه بدرهم وأقر لزيد بألف درهم قبل منه ؛ لأنه قد يريد بالأكثر في أنه حلال وبالأقل في أنه حرام ؛ لأن الحلال كثير ، والحرام قليل ، فلو قال : له علي أكثر مما لزيد جنسا ثم أقر لزيد بمائة دينار ذهبا لم يقبل منه ما أقر به إلا من الدنانير والذهب ، قليلا بين أو كثيرا ؛ لاحتمال قوله أكثر في الحلال دون القدر ولزم أن يكون من جنس مال زيد . فلو قال : له علي أكثر ما لزيد عددا ثم أقر لزيد بمائة دينار لزمه أن يبين أكثر من مائة وسواء بين من الدنانير ، أو من غيرها .

                                                                                                                                            فلو قال : له علي أكثر مما لزيد عددا وجنسا ثم أقر لزيد بمائة دينار ، لم يقبل منه إلا بأكثر من مائة دينار ولو بأدنى زيادة ؛ لأنه قد أزال الاحتمال بذكر الجنس ، والعدد .

                                                                                                                                            فلو ابتدأ المدعي فقال : لي عليك مائة دينار ، فقال لك علي أكثر منها ثم بين درهما [ ص: 16 ] قبل منه لما ذكرنا من الاحتمال ، ولو قال : أكثر منها عددا ، لم يقبل إلا أكثر من مائة عددا ، وسواء بين الدنانير ، أو غيرها .

                                                                                                                                            ولو قال : أكثر منها جنسا وعددا لم يقبل منه إلا أكثر من مائة دينار ولو بأدنى زيادة ، والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية