الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والفصل الثالث أن يقول رب الدابة أعرتكها ويقول الراكب استأجرتها فتأثير هذا الاختلاف من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : في ضمان رقبتها ؛ لأن العارية مضمونة ، والمؤاجرة غير مضمونة ، فإن كانت الدابة باقية سقط هذا الاختلاف . والثاني لزوم ركوبها تلك المدة فإن كانت الدابة تالفة أو المدة منقضية سقط تأثير هذا الاختلاف فيكون القول قول المالك مع يمينه أنه ما أجرها ؛ لأن الراكب يدعي عليه عقدا في إجارتها ، فإن كانت الدابة قائمة أخذها ولا أجرة له ؛ لأن الراكب وإن أقر بها فالمالك لا يدعيها وإن كانت الدابة تالفة كان له الرجوع على الراكب بقيمتها ؛ لأنها تالفة في يده وهو يدعي بالإجارة استيمانا فلم تقبل دعواه ولزمه غرم القيمة وإن لم تكن لمدة الركوب أجرة وإن لم يحكم للمالك بالقيمة إلا بعد يمينه بالله تعالى أنه ما أجرها ولقد أعارها إلا أن تنقضي المدة فيحلف بالله لقد أعارها ، ولا يحلف ما أجرها لتقضي زمان الإجارة وإن [ ص: 124 ] كان لمدة الركوب أجرة فهي بقدر القيمة فصاعدا فهل يجب على المالك يمين يستحق بها القيمة أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يمين عليه ؛ لأن الراكب مقر به أجرة ، والمالك يدعي قيمة ، فصارا متفقين على استحقاقه وإن اختلفا في سببه فسقطت اليمين فيه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : عليه اليمين ؛ لأنه قد أسقط حقه في الأجرة فلم يؤثر إقرار الراكب بها وهو يدعي القيمة ، والراكب منكر لها فإذا حكم له بدعواه لما ذكرنا من التعليل لم يثبت إلا باليمين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية