الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما إذا كان الصبغ لرب الثوب فكالرجل غصب ثوبا يساوي عشرة وصبغا يساوي عشرة وصبغ به الثوب فإن لم يمكن استخراج الصبغ ، نظر قيمة الثوب مصبوغا ، فإن كان يساوي عشرين درهما أخذه المالك ، ولا شيء له على الغاصب ، وإن نقص مصبوغا عن العشرين أخذه مالكه ورجع بما بقي بعد قيمته من العشرين ليستكمل قيمة الثوب والصبغ . فإن كان استخراج الصبغ ممكنا فلا حق للغاصب في استخراجه ؛ لأنه لا يملك عينا فيه وللمالك حالتان :

                                                                                                                                            إحداهما : أن يرضى بترك الصبغ في الثوب فله ذلك ويأخذ معه ما نقص من القيمتين إن حدث فيها نقص ، والله أعلم .

                                                                                                                                            [ ص: 184 ] والحال الثانية : أن يدعو إلى استخراج الصبغ ، فينظر ، فإن كان له في استخراجه غرض صحيح وذلك من وجوه منها : أن يحتاج إلى الثوب أبيض ، ومنها : أن يحتاج إلى الصبغ في غيره ، ومنها : أن يكون استخراجه أكثر من قيمته ، ومنها أن يكون لاستخراجه مؤنة يذهب بها شطر قيمته ، فإن الغاصب مأخوذ باستخراجه وضمان نقص إن حدث فيه ، وإن لم يكن له في استخراجه غرض نظر ، فإن لم يستضر الغاصب بنقص يضمنه في الثوب أخذ باستخراجه ، وإن كان يستضر بنقص يحدث فيه فهل يؤخذ جبرا باستخراجه أم لا ؟ على وجهين ، كالشجرة في الأرض :

                                                                                                                                            أحدهما : يؤخذ باستخراجه لاستحقاق المالك باسترجاع ملكه على ما كان عليه قبل غصبه ، فعلى هذا يضمن ما نقص من القيمتين ، ولا يضمن زيادة إن كانت قد حدثت بالصبغ ، ولو طالب بغرم النقص من غير استخراج أجيب إليه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه يقر على حالته ، ولا يجبر الغاصب على استخراجه لما فيه من العبث ، والإضرار ، ولو سأل غرم نقص لو كان يحدث بالاستخراج لم يجب إليه إلا أن يكون في اجتماعهما نقص من القيمتين فيضمن ذلك النقص .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية