الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رضي الله عنه - : " وإذا قال له علي ألف إلا درهما قيل له أقر له بأي ألف شئت إذا كان الدرهم مستثنى منها ويبقى بعده شيء قل أو كثر " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال ، لا يختلف أصحابنا أن الاستثناء في الإقرار يصح من جنسه ، وغير جنسه . وإنما اختلفوا في غير الإقرار هل يصح الاستثناء فيه من غير جنسه أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : لا يصح استثناء المكيل ، والموزون من غير جنسه ويصح استثناء ما ليس بمكيل ، ولا موزون من غير جنسه .

                                                                                                                                            وقال محمد بن الحسن وزفر بن هذيل : لا يصح الاستثناء من غير جنسه بحال ، لا في مكيل ، ولا موزون ، ولا غيره . استدلالا بأن في الاستثناء إسقاط بعض الجملة وبعضها يستحيل أن يكون من غير جنسها .

                                                                                                                                            ودليلنا - قوله تعالى - : فإنهم عدو لي إلا رب العالمين [ الشعراء : 77 ] وقال تعالى : فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس [ الحجر : 30 - 31 ] وقال الشاعر :


                                                                                                                                            وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير ، وإلا العيس

                                                                                                                                            [ ص: 20 ] ولأن الاستثناء إذا رجع إلى جملة صار المراد بها ما بقي بعد المستثنى منها فلم يقع الفرق بين أن يكون ما عدا المراد جنسا ، أو غير جنس .

                                                                                                                                            فإن قيل : فلم جاز الاستثناء عندكم في الإقرار من غير جنس ، ولم تجوزه في غير الإقرار ؟

                                                                                                                                            على أحد الوجهين : قيل : لأنه قد يصح أنه يوجد في الحقوق المقر بها من غير الجنس بدلا عنها ويبعد وجود مثله في غير الإقرار .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية