فصل : فإذا تقرر ما وصفنا فصورة مسألة الكتاب في فعندنا أن يرجع إلى بيانه في الألف ، ولا يصير باستثناء الدراهم منها دراهم كلها . رجل قال : لفلان علي ألف إلا درهما
وعند أبي حنيفة ومحمد يصير الألف كلها دراهم لاستثناء الدراهم منها لمنعهم أن يصح الاستثناء من غير جنسه ، ولو قال ألف إلا عبدا لم تصر الألف عبيدا عند الشافعي وأبي حنيفة وصارت عند محمد بن حسن عبيدا على ما قدمناه من الخلاف بينهم في الاستثناء من غير الجنس .
وإذا كان الأمر على ما ذكرنا من الرجوع إلى بيانه في الألف فأي شيء بينه قبلنا بيانه فيه ، فإن بين الألف دراهم أسقطنا منها درهما لاستثنائه إياه وأوجبنا عليه ما سواه ، وإن بينها فلوسا ، أو نحاسا ، أو خرزا ، أو جوزا قبلناه . فإن كان مما يكون معلوما قومناه وأسقطنا من قيمته الدرهم الذي استثناه ، وإن كان مما لا يكون معلوما سألناه عن قيمته وأسقطنا منه الدرهم المستثنى . فإن بقي بعد إسقاط الدرهم بقية فهو القدر الذي أقر به . وإن لم يبق بعد إسقاط الدرهم بقية مثل أن يقر بألف جوزة قيمتها درهم ففيه وجهان :
أحدهما : وهو الظاهر من قول أبي إسحاق المروزي أنه يرد عليه بيانه ويؤخذ عليه ببيان ما يزيد قيمته على ألف درهم المستثنى حتى يبقى بعد الاستثناء بقية وإن قبلت فيكون هو القدر المقر به ، فإن امتنع من بيانه على هذا الوجه صار كمن أقر بمجمل ثم امتنع من بيانه فيكون على وجهين :
أحدهما : يحبس حتى يبين .
[ ص: 24 ] والثاني : يجعل كالناكل ، ويحلف المدعي على ما ادعى ويحكم له به .
والوجه الثاني : في الأصل وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه يلزمه منه ما أقر به من قيمة الألف جوزة التي بينها ويبطل الاستثناء منها ؛ لأنه إذا بين ألف جوزة قومها درهما واستثنى منها درهما كان كمن قال له درهم إلا درهما فيبطل الاستثناء ويلزمه الدرهم ؛ لأن الاستثناء الرافع للجملة باطل كذلك هذا ، والله أعلم .